ثم قال لي : يا عمرو بن الحسن ، لا تحسدنّ أحدا ، فإن الحسد صيّرني إلى ما ترى ، وغش بني آدم ينفق عندهم. وضرب كركدنه ومضى. لعنه الله.
قال الحافظ :
وقد وقعت لي هذه الحكاية من وجه آخر إلّا أنه قيل فيها : ـ (عمرو بن محمد) ، وحكي معناها عن عمرو بن محمد قاضي البصرة.
قال أبو سليمان بن زبر :
اجتمعت أنا وعشرة ، منهم أبو بكر الطائي ، نقرأ فضائل علي بن أبي طالب في جامع دمشق ، فوثب إلينا نحو المائة من أهل الجامع يريدون ضربنا ، وأخذ واحد منهم يلحقني ، فجاء بعض الشيوخ إليّ ، وكان قاضيا ، في الوقت ، فخلّصوني من أيديهم ، وعلقوا أبا بكر الطائي فضربوه ، وعملوا على أنهم يسوقونه إلى الشرطة في الخضراء ، فقال لهم أبو بكر : يا سادة إنما كنا في فضائل علي ، وأنا أخرج لكم غدا فضائل معاوية أمير المؤمنين. واسمعوا هذه الأبيات التي قلتها وأنشأ يقول بديها :
حبّ عليّ كلّه ضرب |
|
يرجف من خيفته القلب |
فمذهبي حبّ إمام الهدى |
|
يزيد والدّين هو النّصب (١) |
من غير هذا قال فهو امرؤ |
|
مخالف ليس له لبّ |
والناس من ينقد لأهوائهم |
|
يسلم وإلّا فالقفا نهب |
فخلّوه ، وانصرفوا.
قال أبو سليمان : فقال لي الطائي :
والله ، لا سكنت دمشق ، ورحل منها إلى حمص.
قال أبو عبيد الله بن عمران بن موسى المرزباني :
رأيت أحمد بن سعيد الطائي شيخا كبيرا في مجلس أبي الحسن الأخفش سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة.
__________________
(١) أهل النصب والنواصب والناصبية هم المتدينون ببغضة علي بن أبي طالب (رضي) لأنهم نصبوا له أي عادوه.
(القاموس المحيط).