ومشتغله ستين ألف دينار (١) ، وعلى الميدان مائة وخمسين ألف ، وعلى من ناب بالثغور ثمانين ألف دينار ، وكان قائم صدقته في كل شهر ألف (٢) دينار.
وراتب مطبخه وعلوفته كل يوم ألف دينار ، وما يجريه على جماعة من المستخدمين وأبناء السبيل سوى ما كان يجريه السلطان خمس مائة دينار ، وما يحمل لصدقات الثغور في كل شهر خمس مائة دينار ، وما يقيمه من الأنزال والوظائف في كل شهر ألفي دينار.
وحكي أن أبا الجيش فرق كسوة أحمد في حاشيته. قال الحاكي : فلحقني منها نصيب ، فما خلا ثوب منها من الرفاء ووجدت في بعضها رقعة.
وكان أحمد بن طولون يقول : ينبغي للرئيس أن يجعل اقتصاده على نفسه وسماحته على من يشمله وقاصديه ، فإنه يملكهم ملكا لا يزول عن قلوبهم ولا تشذ معه سرائرهم.
وحدث أبو العباس أحمد بن خاقان ، وكان تربا لأحمد بن طولون قال :
كان طولون تركيا من جيش يقال لهم طغزغز (٣) ، وكان نوح بن أسد صاحب خراسان وجهه إلى الرشيد هارون سنة تسعين ومائة. وولد أحمد في سنة أربع عشرة ومائتين من جارية تسمى هاشم (٤) ، وتوفي طولون سنة ثلاثين ومائتين ولأحمد ست عشرة سنة ونشأ نشوءا حسنا في العفة والتصوّن والدماثة وسماع الحديث حتى انتشر له حسن الذكر ، وتصور في قلوب الناس بأفضل صورة ، حتى صار في عداد من يوثق به ويؤتمن على السر والفروج والمال. وكان شديد الإزراء (٥) على الأتراك وأولادهم فيما يرتكبونه ، غير راض بما يفعلونه إلى أن قال يوما : إلى كم نقيم يا أخي على هذا الإثم لا نطأ موطئا إلّا كتب علينا فيه خطيئة. والصواب أن نسأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب لنا بأرزاقنا إلى الثغر ، ونقيم في ثواب ، ففعلنا ذلك. فلما صرنا إلى طرسوس سرّ بما رأى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأقبل
__________________
(١) البداية والنهاية ٧ / ٤٢٢ (ط دار الفكر).
(٢) في المنتظم : ثلاثة آلاف دينار.
(٣) طغزغز ، وفيها لغات ، قيل فيها : تغزغز وطغرغر وتغرغر وهم جيل من الترك كانوا يسكنون أرضا واسعة على حدود الصين ، وهم فيها أصحاب خيام كأعراب البادية ، انظر كتاب التنبيه والإشراف للمسعودي.
(٤) كذا في البداية والنهاية ٧ / ٤٢١ (ط دار الفكر) نقلا عن ابن عساكر ، وفي النجوم الزاهرة ٣ / ١ هاشم ، وقيل : قاسم.
(٥) الإزراء : يقال : أزرى عليه إذا عابه وعاتبه.