قال أبو بكر الخطيب (١) :
[بدر أبو النجم مولى المعتضد بالله المعروف بالحمامي ، ويسمى بدر الكبير](٢) ولي الإمارة في بلدان جليلة ، وكان له من السلطان منزلة كبيرة ، وتولّى الأعمال بمصر مع ابن طولون ، إلى أن فسد أمر ابن طولون وقتل ، فقدم بدر بغداد ، فأقام بها مدّة ، ثم ولّاه السلطان بلاد فارس ، فخرج إلى عمله وأقام هناك إلى أن توفي.
[وقد حدث عن هلال بن العلاء الرقي ، وعبيد الله بن محمد بن رماحس الرملي.
روى عنه ابنه محمد بن بدر](٣).
حدّث جحظة (٤) قال :
كنت بحضرة المعتضد ذات يوم ، فأمرني أن أغنّي صوتا فغنّيت ، ثم استعاده دفعة أخرى ، وطرب له طربا شديدا ، فأمر لي بمائة درهم ، وقال : عرّجوا به على بدر ـ يريد صاحب جيشه ـ فقلت : لعله أن يوجد مما أطلق لي حقّ الجراية (٥) ، فلما وثب أمير المؤمنين حملني الخادم إلى قصر بدر ، فرأيت مجلسا أحسن من مجلس الخليفة ، وفيه من الغناء طرائقه ، فلما رآني وثب وأجلسني في دسته (٦) وقال له الخادم : هذه تحفة أمير المؤمنين ، فأكرمني ، فغنّيته ثلاثة أصوات ، فلما سمعهنّ أمر لي بمائة ألف درهم ، وعشرة تخوت (٧) ثياب ، وشهريّ (٨) ليّن الركوب ، وغلام أسود. وانصرفت وعدت إلى مجلس أمير المؤمنين في الغد ، فغنيته صوتا فأطربه ، فأمر لي بالجائزة فقلت : يا أمير المؤمنين ويعرج بي علي بدر ، فقال : ذلك لا يعاود.
__________________
(١) الخبر في تاريخ بغداد ٧ / ١٠٥.
(٢) الزيادة بين معكوفتين عن تاريخ بغداد للإيضاح ٧ / ١٠٥.
(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.
(٤) جحظة ضبطت بسكون الحاء عن وفيات الأعيان ١ / ١٣٤ واسمه أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد أبو الحسن البرمكي البغدادي الشاعر ، ترجمته في تاريخ بغداد ٤ / ٦٥.
(٥) الجراية بفتح الجيم وكسرها : الوكالة (تاج العروس : جرى) ، والجراية : المعلوم أو الراتب الذي يجريه السلطان على الوزراء أو المقدمين من مال أو عقار أو طعام (خطط المقريزي ١ / ٢٣٩).
(٦) الدست : صدر المجلس.
(٧) تخوت واحدها تخت وهو وعاء تصان فيه الثياب.
(٨) في تاج العروس (شهر) : الشهرية بالكسر ، ضرب من البراذين ، وهو بين البرذون والمقرف من الحيل. وقال الزمخشري في الأساس : بين الرمكة والفرس العتيق ، والجمع الشهاري.