«لأدفعنّ لوائي غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، لن يرجع حتى يفتح له». فبتنا طيّبة أنفسنا أنّ الفتح غدا. فصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة الغداة ، ثم دعا باللواء ، وقام قائما فما منّا من رجل له منزلة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا يرجو أن يكون ذلك الرجل ؛ حتى تطاولت أنا لها ، فدفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه ؛ فدعا عليّ بن أبي طالب وهو يشتكي عينه. قال : فمسحها ثم دفع إليه اللواء ؛ وقال بريدة : إنه كان صاحب مرحب (١).
وعن بريدة قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وللحكم الغفاري (٢) :
«أنتما عينان لأهل المشرق ، وبكما يحشر أهل المشرق». فقدما مرو وماتا بها [١٤٠٥٦].
وعنه :
أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال له : يا بريدة إنّه لا يكلّ بصرك ، ولا يذهب سمعك ، أنت نور لأهل المشرق.
وعن ابن بريدة قال :
كان بريدة ربع الإسلام. قال أبو عبد الله : وإنما يعني بقوله ربع الإسلام ، أن يكون الأول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والثاني أبو بكر ، والثالث عامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، والرابع بريدة الأسلمي.
حدّث رجل من بكر بن وائل قال (٣) :
كنت مع بريدة الأسلميّ بسجستان ، قال : فجعلت أعرّض بعليّ وعثمان وطلحة والزّبير لأستخرج رأيه ؛ قال : فاستقبل القبلة ، فرفع يديه فقال : اللهمّ اغفر لعثمان ، واغفر لعليّ بن أبي طالب ، واغفر لطلحة بن عبيد الله ، واغفر للزّبير بن العوام. قال : ثم أقبل عليّ فقال لي : لا أبا لك ، أتراك قاتلي!؟ قال فقلت : والله ما أريد قتلك ، ولكن هذا أردت منك. قال : قوم سبقت لهم من الله سوابق ، فإن يشأ يغفر لهم بما سبق لهم ، [فعل](٤) ، وإن يشأ يعذبهم بما أحدثوا فعل. حسابهم على الله عزوجل.
__________________
(١) هو مرحب اليهودي ، صاحب حصن من حصون خيبر.
(٢) الخبر في أسد الغابة ١ / ٢٠٩.
(٣) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٤٣.
(٤) زيادة للإيضاح عن طبقات ابن سعد.