لاستثقاله ، والضم أثقل منه ، فلم يبق إلا الفتح وهو مع ذلك أخف الحركات ، ولم يجر تحريك الياء لأنها لو حركت انقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وذلك يؤدي إلى الجمع بين ساكنين لأن الألف لا تكون إلا ساكنة ، فلما (١) كان تحريك الياء لا يسلم لها ، سقط حكمه ووجب تحريك ما ذكرناه.
وأما (كيف) فسؤال عن حال ، وهو ينوب عن حرف الاستفهام ، ويتضمن معنى حرف الشرط ، وإن لم تجزم ك (متى) و (أين) لعلّة سنذكرها ، فلما تضمن معنى الحرف وجب أن يبنى على السكون (كأين) وعلّة تحريكه كعلّة (أين).
فإن قال قائل : فلم صارت (متى وأين) تدخل عليهما حروف الجر ولا تدخل على (كيف) ، وقد تشاركت فيما ذكرتم (٢)؟
فالجواب في ذلك أن (كيف) هي الاسم الذي بعدها وذلك أن قول القائل : كيف زيد؟ معناه أصحيح زيد أم سقيم (٣) ، والصحيح والسقيم هو زيد ، فلما كان دخول حرف الجر على ما نابت عنه (كيف) لا يجوز فكذلك لا يجوز دخول حرف الجر على (يف) ، ألا ترى أنك لا تقول أمن صحيح زيد (٤) ، وكذلك لا تقول : من كيف زيد.
فأما (أين ومتى) فإنهما نائبان عن قولك : أفي الدار زيد؟ وفي أي وقت يخرج زيد؟ فلما نابتا عما يدخل عليه [حرف](٥) الجر دخل عليهما.
__________________
(١) في الأصل : فلم.
(٢) استدل ابن هشام على اسمية (كيف) من عدة أمور منها : دخول الجار عليها بلا تأويل في قولهم : " على كيف تبيع الأحمرين". المغني ١ / ٢٢٥. ثم عاد في تنبيهاته وفي حديثه عن قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) حيث قال : " لا تكون (كيف) بدلا من الإبل ، لأن دخول الجار على (كيف) شاذ ، على أنه لم يسمع في إلى ، بل في على ..." ١ / ٢٢٧.
(٣) انظر أيضا المغني ١ / ٢٢٥.
(٤) الأصل أصحيح زيد ثم دخلت (من) وقدمت الهمزة لأن لها الصدارة.
(٥) كتبت على الهامش في الأصل.