فإن قال قائل : فلم صار قولك : من صحيح زيد (١) ، لا يجوز وجاز فيما نابت عنه أين ومتى؟
قيل له : لأن (كيف) هي الاسم الذي بعدها على ما ذكرناه ، وكان خبر المبتدأ الذي (٢) هو المبتدأ لا يحتاج إلى واصل يصل بينه وبين المبتدأ لم يحتج إلى حرف.
وأما (أين ومتى) فهما غير الاسم الذي بعدهما ولا بد لخبر المبتدأ ، إذا كان غير المبتدأ ، من واصلة توصل بينه وبين المبتدأ ألا ترى أنك لو قلت : زيد عمرو قائم ، فعمرو قائم غير زيد ، وليس بينه وبين الجملة علاقة (٣) فلم يحسن الكلام حتى تقول من أجله أو في داره ، فتعلق الجملة التي هي غير زيد بما ذكرناه من الضمير لأنها غير الأول وكذلك لما كانت (٤) (متى وأين) غير الاسم بعدهما احتاجا إلى حرف فاعلمه.
فإن قال قائل : كيف جاز الجزم (بمتى وأين) ولم يجر الجزم ب (كيف) كقولك : أين تكن أكن ، ومتى تقم أقم ، ولم يجر كيف تكن أكن (٥)؟
فالجواب في ذلك من وجوه : أحدها أن قول القائل : أين (٦) تكن أكن ، إنما شرط له متى كان في بعض البقاع
أن يكون هو أيضا في تلك البقعة ، وكذلك شرط في متى في أي زمان قام أن يقوم هو فيه وهذا غير متعذّر (٧).
__________________
(١) قوله : صحيح زيد ، نابت فيه كلمة (صحيح) مناب (كيف) فكما لم يجز دخول (من) على قولنا : صحيح زيد فكذلك لم يجز دخولها على كيف.
(٢) في الأصل كلمة لم أتبيّنها وقد أثبت ما يناسب المعنى.
(٣) في الأصل : علقة. فقد أثبت المناسب.
(٤) في الأصل (كانتا) وقد أثبت المناسب.
(٥) نقل ابن هشام جواز الجزم بها مطلقا عن قطرب والكوفيين. المغني : ٢٢٥.
(٦) في الأصل : كيف وقد أثبت المناسب.
(٧) في الأصل : معتذر.