فإن قال قائل : فمن [أين](١) استحقت (قبل وبعد) البناء؟ فالجواب في ذلك أن قبل وبعد يضافان إلى الأسماء والمضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد فلما حذف ما أضيفا إليه ودلّا عليه جرى مجرى بعض الاسم ، وبعض الاسم مبني فلهذا وجب أن يبنى.
فإن قال قائل : فلم استحقا أن يبنيا (٢) على حركة ولم يبنيا على السكون (كأين وكيف) (٣)؟ [فالجواب : أن ذلك](٤) لما بينا أن ما بني من الأسماء وله حال تمكن توجب (٥) أن ينبى على حركة وجب أن يبنى على حركة.
فإن قيل : لم كانت الحركة الضم دون الفتح والكسر؟ ففي ذلك جوابان :
أحدهما : أن (قبل وبعد) يدخلهما في حال النصب الإعراب والجر فلو بنيا على الفتح والكسر لجاز أن يتوهم أن حركتهما حركة إعراب ، فعدلا إلى الضم بهما ليزول هذا اللبس.
والجواب الثاني : أن الضم أقوى الحركات فلما كانت (قبل وبعد) قد حذف منهما المضاف حركا بأقوى الحركات ليكون ذلك عوضا من المحذوف.
فأما (من وما والذي) فإنما وجب بناؤها لأن (الذي) لا يتم إلا بصلة فصارت كبعض اسم ، (ومن وما) إذا كانا استفهاما أو جزاء فبناؤها أيضا واجب لتضمنهما معنى حرف الاستفهام ومعنى حرف الجزاء ، وبنيا على السكون لأنهما لم يكن لهما ولا ل (الذي) حال تمكن ، فأما (أي) فهي معربة في جميع الوجوه إلا في موضع
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل ، وفي الأصل : فمن حيث استحقت قبل وبعد البناء؟
(٢) في الأصل : يبنى.
(٣) أي لم استحقا أن يبنيا على حركة كأين وكيف ولم يبنيا على السكون؟
(٤) زيادة ليست في الأصل.
(٥) في الأصل : يجب.