إنك وزيد ذاهبان ، وإن هذا وعمرو منطلقان وما ذكرناه من الحجة فيما يتبين فيه الإعراب لا يغير حكم العامل عن عمله ، بل حكمه فيها وفيما يتبين فيه الإعراب سواء ، فإن قلت : إن زيدا وعمرو قائم ، فأردت الخبر جازت المسألة ، والأجود في تقديرها أن يكون المحذوف خبر الاسم الثاني ، وإنما أخبرنا الوجه الأول لأن الخبر يلي الاسم الثاني فلا يبقى علينا من التوسع في المسألة إلا حذف خبر الأول ولو قدرنا حذف الثاني لأوجب ذلك اتساعين في المسألة وهما حذف الأول والتقدير في الخبر المذكور والمتقدم ، وقد جاء في الشعر كقول الشاعر (١) :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإني وقيار بها لغريب |
فأتى بخبر واحد اكتفاء بما ظهر ، وإنما جوزنا الوجه الثاني لأنه صحيح المعنى ، وهذا التقدير الذي جوزناه ليس بممتنع مثله في الكلام إن شاء الله ، ويدل على حسن الوجه الثاني إدخال اللام في قوله : لغريب وإنما يحسن دخول هذه اللام في خبر (إن) فأما دخولها في خبر المبتدأ فضعيف ، وإنما يجوز ذلك على تقدير مبتدأ محذوف كأنك وقيار لهو غريب ، لأن حق هذه اللام ألا تدخل على المبتدأ فلما رأيناها في هذا البيت داخلة على الخبر دلّ ذلك على أن الخبر للأول.
__________________
(١) نسبه لضابئ بن الحارث البرجمي سيبويه في الكتاب ١ / ٧٥ ، والمبرد في الكامل ١ / ٤١٦ ، والسيرافي في شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٦٩ ، وابن الأنباري في الإنصاف ١ / ٩٤ ـ ٩٥ ، وابن يعيش في شرح المفصل ٨ / ٦٨ ، والسيوطي في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٧ وأورد بعضا من قصيدته. وجاء البيت أيضا في : معاني القرآن للفراء ١ / ٣١١ ، وشرح أبيات سيبويه للنحاس ٣٣ وفي ١٤١ على أن الواو في معنى (مع) ، وأوضح المسالك ١ / ٢٥٦ ، ومغني اللبيب ٦١٨ و ٨١١ ، وابن هشام مع كونها (لغريب) خبرا ، وقيار مبتدأ ، واستدل بها على جواز العطف على اسم إنّ بالرفع بشرطين ، استكمال الخبر ، كون العامل أنّ ، إنّ ، لكنّ ، والهمع ٥ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، والخزانة ١٠ / ٣١٢.