على هذا المذهب الذي يرفع زيدا باستقر وتبطل المسألة ، وهذا القول ضعيف ، لأنه ليس أحد من العرب حكى عنه الامتناع من قولك : إن عندك زيدا ، وما أشبه هذا من المسائل ، فلو كان ما ذهب إليه الأخفش من أحد الوجهين صحيحا لوجب أن يحكى ذلك عن العرب ، ولو أسقطت عنه الإلزام من جهة العرب لكان القياس يؤيد قول سيبويه ويضعف قول الأخفش فيما يقرره به وذلك أنه لا خلاف في جواز تقديم خبر المبتدأ على المبتدأ نحو قولك : عمرا زيد ضارب فإذا ثبت جواز هذا فنرجع إلى قولنا : زيد عندك ، زيد مبتدأ بلا خلاف وعندك نائب عن الخبر وهو استقر والظرف مفعول فيه فإذا قدمنا الظرف فيجب أن يبقى المبتدأ على ما كان عليه ؛ لأن تقديم مفعول الخبر لا يوجب تقديم الخبر ألا ترى أنك تقول : زيد ضارب عمرا فإذا قدمت عمرا على زيد لم تخرج زيدا من أن يكون مبتدأ ولم يجب تقديم ضارب مع تقديم زيد ، وكذلك إذا قدمنا الذي يعمل فيه الخبر لم يجب تقديم الخبر فاعلمه.
واعلم أن المبتدأ إذا كان جثة لم يجز أن يكون خبره ظرفا لزمان كقولك : زيد يوم الجمعة ، وإنما امتنع عن ذلك ؛ لأن الغرض في الخبر إفادة المخاطب فلا يجوز أن يجهله ، قد علمنا أن زيدا وغيره من الأشخاص لا يخلو من الزمان حيا كان أو ميتا ، فلما كان هذا الخبر يعلمه المخاطب لم يستفد به شيئا ، فوجب أن يسقط التكلم به إذ لا فائدة فيه ، وأمّا إذا كان المبتدأ غير جثة فظرف الزمان يكون خبرا (١) كقولك : القتال يوم الجمعة ، وإنما صح ظرف الزمان أن يكون خبرا لّما
__________________
(١) انظر شرح المفصل ١ / ٨٩ (إدارة الطباعة اللمنيرية) ، وشرح الكافية للاسترباذي ١ / ٩٤ (دار الكتب العلمية) وجاء فيها : " واعلم أن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن اسم عين ولا حالا منه ولا صفة له لعدم الفائدة ، إلا في موضعين : أحدهما : أن يشبه العين المعنى في حدوثها وقتا دون وقت نحو : الليلة الهلال ، الثاني : أن يعلم إضافة معنى إليه تقديرا نحو قول امرئ القيس : اليوم خمر وغدا أمر ... ولو قلت : الأرض يوم الجمعة ، أو زيد يوم السبت ، لم يجز لأنه لا فائدة لتخصيص حصول شيء بزمان هو في غيره حاصل مثله ...".