كذوات الياء ، ويكون بعض الحروف المنقلبة (١) حاصلا في الكلمة ، فلهذا كان الوجه الأول مختارا ، والوجه الثاني يقرب من الأول ولفظ الوجه الأول موجود فيه ، وإنما فيه زيادة في الدلالة على أصل الكلمة ، وإنما لم تكن هذه الزيادة أقوى من الوجه الأول ؛ لأن على المتكلم مشقة في الإشارة إلى الضم مع حصول الكسر في الحرف فيصير كأنه جامع بين كسرة وضمة في حال واحدة ، وهذا محال ، فلما قارب في هذا الحكم لهذه الزيادة المحال وهو مع هذا فيه تكلف كان الأول السالم مما ذكرنا أجود إن شاء الله.
فإن قال قائل : كيف ساغت العبارة في قولكم : إن الأفعال تنقسم قسمين : أحدهما غير متعد ثم قلتم مع هذا ما لا يتعدى يتعدى إلى أربعة أشياء ، وهذا في الظاهر متناقض(٢)؟
فالجواب في ذلك أن هذه الأربعة الأشياء لا يقصر فعل من الأفعال أن يتعدى إليها فلما كانت هذه الأفعال كلها متساوية في التعدي إليها ، وكان بعضها يتعدى إلى زيادة عليها ، وبعضها لا يتعدى إلى هذه الزيادة صار ما جاز تعديته إلى زيادة عليها متعديا إذ زاد حكمه على الفعل الذي لا يجاوز هذه الأشياء الأربعة فلهذا ساغت العبارة بما سألت عنه.
فإن قال قائل : فمن أين وجب أن يكون كل فعل لا يقصر عن التعدي إلى هذه الأشياء الأربعة؟ قيل له : لأن كل فعل إنما يتعدى على حسب دلالته على ما يتعدى إليه ومتى لم يدل الفعل على / ما يتعدى إليه لم يصح تعديته إليه ، فإذا كان الأمر على ما ذكرنا وقد علمنا أن المصدر يدل على المصدر وعلى الزمان ، فقد
__________________
(١) في الأصل المنقلب.
(٢) قال ابن هشام : " كل فعل متعد أو غير متعد فإنه يتعدى إلى أربعة أشياء وهي : المصدر ، والظرف من الزمان ، والظرف من المكان ، والحال ...".
انظر شرح جمل الزجّاجي لابن هشام ١٢٩.