حصل فيه دلالة على المصدر فيتعدى إليه وهو المفعول المطلق ، وتعدى أيضا إلى الزمان وهو مفعول فيه ، لدلالته عليه وقد أحاط العلم أن الفعل لا بد له من مكان يعمل فيه ، فصار في الفعل أيضا دلالة على المكان إلا أن للفعل دلالته على الزمان وعلى المصدر من جهة لفظه ودلالته على المكان من جهة المعنى ولأن الفعل لا يخلو من فاعل ولا بد للفاعل من هيئة يكون عليها وهو الحال نحو قولك : قام زيد ضاحكا ، فصار في الفعل أيضا دلالة عليه (١) ، فلهذا نعدي كل فعل إلى هذه الأشياء الأربعة لاشتراك الفعل في الحكم الذي ذكرناه.
فإن قال قائل : فلم منعتم أن تقوم الحال مقام الفاعل؟
قيل : لأن كل فاعل يجوز أن يضمر ، فلو أقمت الحال مقام الفاعل لجاز إضمارها ، وكل مضمر بعد ذكره يجب أن يكون معرفة ، وهي لا تكون إلا نكرة ؛ فلهذا لم يجز أن تقوم مقام الفاعل.
وأما الظروف والمصادر فتكون معرفة ونكرة فلهذا جاز أن نقيمها مقام الفاعل ، وإذا لم تسم الفاعل في الأفعال غير المتعدية أقمت [المصدر](٢) والظرف من الزمان أو المكان مقام الفاعل ، والأحسن إذا أقمت هذه الأشياء مقام الفاعل أن تكون معرفة أو منعوتة كقولك : ذهب ذهاب حسن ، وذهب يوم الجمعة ، ولو قلت ذهب ذهاب أو ذهب ، ووقفت (٣) لم يحسن ؛ لأنه [لا](٤) فائدة في ذلك إذ كان الفعل يدل على وقوع ذهاب في وقت. واعلم أن الظروف متى أردت أن تقيمها مقام الفاعل فلا بد من أن تخرجها من حكم الظرف وتجعلها مفعولات كزيد وعمرو على سعة الكلام.
__________________
(١) في الأصل : على.
(٢) كتبت في الأصل على الهامش.
(٣) في الأصل : وقت.
(٤) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.