وجمعوه لولي نعم وبئس اسمان ليس في لفظهما دلالة على الجنس فلهذا لم يثن ويجمع المضمر فيهما.
فإن قال قائل : إذا قلت : نعم الرجل زيد ، فزيد رفع بالابتداء ونعم الرجل خبره ، وليس في الجملة ضمير يرجع إلى المبتدأ ، ومثل هذا لا يجوز في غير هذين الفعلين؟
قيل له : لم يجز في غيرهما من الأفعال لوجهين :
أحدهما أن قولك : زيد قام الرجل ، لو جوزناه لالتبس الكلام ؛ لأن قولك : قام الرجل ، يجوز أن يكون كلاما تاما قائما بنفسه فلا يعلم هل هو خبر الابتداء أو هو استئناف جملة أخرى منقطعة مما قبلها ، وأما نعم الرجل ، فلا يتوهم فيه ؛ لأنه لا يقتصر عليه فصار تعلقه بما قبله كتعلق الضمير بما قبله كقولك : زيد قام فجرى المظهر بعد نعم وبئس مجرى المضمر في غيرهما من الأفعال.
والوجه الثاني : أن قولك : زيد نعم الرجل ، محمول على معناه إذ كان قولك : نعم الرجل ، يقوم مقام زيد الممدوح في الرجال ، فلما قام مقامه في المعنى اكتفي به ، ولم يكن في غيره من الأفعال هذا المعنى فلهذا اختلفا.
فإن قال قائل : من أين حسن إسقاط علامة التأنيث من نعم وبئس إذا وليهما مؤنث ولم يجز في غيرهما من الأفعال (١)؟
قيل له : قد ذكرنا في الشرح وجها آخر أجود منه وهو أن المؤنث الذي يلي نعم وبئس يجب أن يكون اسم جنس يجري مجرى الجمع ، والفعل إذا كان للجماعة وإن كانوا مؤنثين ذكّر فعلهم كقولك : قام النسوة ، فلهذا حسن التذكير في هذين الفعلين.
__________________
(١) قال سيبويه : " واعلم أن نعم تؤنث وتذكر ، وذلك قولك : نعمت المرأة ، وإن شئت قلت : نعم المرأة ، كما قالوا : ذهب المرأة ، والحذف في نعمت أكثر".
الكتاب ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩ (بولاق).