عن الآخر ؛ لأن كل واحد منهما اسم للجنس فلا وجه للجمع بينهما / وأبو العباس أجازه على طريق التوكيد.
فإن قال قائل : فلم خصت بجواز الإضمار قبل الذكر؟
قيل له : لأن المضمر قبل الذكر على شريط التفسير فيه شبهة من النكرة إذ كان لا يفهم إلى من يرجع حتى تفسره ، وقد بينا أن نعم وبئس لا يجوز أن يليهما معرفة محضة ، فصار الضمير على شريطة التفسير لما فيه الألف واللام من أسماء الجنس.
فإن قال قائل : فما الفائدة في هذا الإضمار وهلا اقتصروا على قولهم : نعم الرجل زيد؟ قيل له : الفائدة تخفيف اللفظ وذلك أنهم إذا أضمروا فيها احتاجوا إلى مفسر نكرة منصوبة وهي أخف من معرفة فيها الألف واللام ، فلما كان المضمر لا يظهر وكان ما يفسره خفيفا أضمروا فيها ليخف اللفظ عليهم ، ولو اقتصروا على إظهار الفاعل لكان ذلك شائعا.
فإن قال قائل : فهلا ثنوا الضمير وجمعوه كما يثنون الاسم الظاهر نحو : نعم الرجلان الزيدان؟ فالجواب في ذلك : أنهم إنما أضمروا على شريطة التفسير ليخف اللفظ ، فلما كان المفسر يثنى ويجمع وفيه دلالة على أن المضمر يجري مجراه استغنوا عن تثنية الضمير بما أظهروا من تثنية المفسر وجمعه فلو ثنوا الضمير
__________________
ـ انظر المقتضب ١٢ / ١٤١ حاشية رقم (٢).
وقد أجاز ذلك أيضا (أي الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر توكيدا) ابن السرّاج والسيرافي واستدلوا على ذلك بقول الشاعر :
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت |
|
ردّ التحية نطقا أو بإيماء |
ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقا ، والورّاق هنا يؤيد المنع.
انظر شرح التصريح على التوضيح ٢ / ٩٥ ـ ٩٦.