قيل له : أما الدليل على أنهما فعلان (١) ثبات علامة التأنيث فيهما على حد ثباتها في الفعل نحو : نعمت وبئست ، كما تقول : قامت وقعدت ، فلو كانا اسمين لكان الوقف عليهما بالهاء ، فلما وقف عليهما بالتاء علم أنهما فعلان وليسا باسمين وأما كونهما حرفين فلا شبهة في بطلانه لاستتار الضمير فيهما ولا يستتر ضمير الفاعل إلا في الأفعال ، وأما جواز دخول الباء عليهما فإن ذلك عندنا على معنى الحكاية ، كأنه حكى ما قال له ، وحروف الجر تدخل على الفعل الذي لا شبهة فيه على هذا الوجه كما قال : [والله ما زيد بقام صاحبه](٢) فإذا جاز دخول (٣) الياء على طريق الحكاية فليس بمنكور دخول الباء على نعم التي فيها بعض الإشكال ، فقد ثبت بما أوردناه (٤) انها فعل لا اسم (٥) والله أعلم.
فإن قال قائل : إذا نصبتم النكرة بعد نعم وبئس على التشبيه بالمفعول به لأنهما فيهما إضمار الفاعل ، فهل يجوز إظهار ذلك الفاعل مع بقاء المنصوب؟
فالجواب في ذلك أن سيبويه يمنع منه ، وأما أبو العباس المبرد فقد اختاره (٦) وهو قولك نعم الرجل رجلا زيد ، فأما امتناع جوازه فلأن أحد الرجلين يكفي
__________________
(١) ذهب البصريون إلى أنهما فعلان ماضيان لا يتصرفان ، وأيدهم من الكوفيين الكسائي. وذهب الكوفيون إلى أنهما اسمان مبتدآن. وقد ذهب الورّاق هنا مذهب البصريين ، انظر تفصيل ذلك في الإنصاف ١ / ٩٧.
(٢) أصل الرواية : والله ما ليلي بنام صاحبه ، وانظر الخصائص ٢ / ٣٦٦ (دار الكتب) وأسرار العربية ٩٩ ، ونص البيت في اللسان :
تالله ما زيد بنام صاحبه |
|
ولا مخالط اللّيان جانبه |
اللسان (نوم) ١٦ / ٧٦.
(٣) في الأصل : دوخول.
(٤) في الأصل : أوردناها.
(٥) في الأصل : لاسم.
(٦) انظر الكتاب ١ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ (بولاق) وما ذكره الورّاق صحيح من أن المبرد خالف سيبويه في ذلك قال الأستاذ عضيمة : " ... والمبرد نقد سيبويه في قوله (ج ١ / ٣٠٠ هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرا ، فقال المبرد : نقض جميع ذلك بقوله في هذا الباب ، وأما قولهم : نعم الرجل عبد الله ... عمل (نعم) في الرجل ولم يعمل في عبد الله ... أطال المبرد في نقده على خلاف عادته وهو نقد تحامل فيه وقد ردّ عليه ابن ولاد في الانتصار ، انظر ١٤٤ ـ ١٤٨". ـ