كلمت أباه ، لأنك بدأت في جميع هذه المسائل بالفعل ، فإن قلت : إنّ زيدا قائما وعمرا كلمته ، فالاختيار في عمرو الرفع لأنك لم تبتدئ بفعل إذ كانت (إنّ) حرفا ، وهي وإن غيرت اللفظ فما بعدها في حكم المبتدأ ، فلهذا اختير الرفع في عمرو ، ويجوز النصب كما جاز في الابتداء بإضمار فعل مثل الفعل الذي قد عمل في الضمير ، فإن قلت : ضربت زيدا وعمرو قائم أو يقوم ، لم يجز في عمرو إلا الرفع ، لأنك لم تذكر بعد الواو فعلا يجوز أن يعمل في عمرو ، وليس بمعطوف على الاسم الأول ، فيدخل في حكمه ، ولكنه عطف جملة قائمة بنفسها على جملة مثلها ، فلهذا لم يجز نصب ما بعد الواو ؛ لأنك لو نصبته بقي الفعل أو الاسم الذي بعده متعلقا ، إذ لا يتعلق بما قبله من الكلام ، فإن قلت : زيد ضربته وعمرو كلمته ، كنت في عمرو بالخيار إن شئت نصبته وإن شئت رفعته ، وإنما اعتدل النصب والرفع هاهنا لأنك بدأت بالاسم في أول الكلام وشغلت الفعل بالضم ، وإن قدرت ما بعد الواو كأنه معطوف على الهاء اختير النصب في عمرو ؛ ليكون ما بعد الواو الفعل كما أن المضمر محمول على الفعل ، فإن قدرت ما بعد الواو اسما مبتدأ بمنزلة المعطوف عليه رفعت ، واختير الرفع ، فإن دخلت ألف الاستفهام على الاسم وقد اشتغل الفعل اختير النصب كقولك : أزيدا ضربته ، وإنما اختير النصب ؛ لأن الاستفهام وقع على الفعل فصار حرف الاستفهام يطلب الفعل فيجب أن يضمر الفعل ، ويكون الموضع الذي يقتفي الفعل أولى بالإضمار ، فإذا وجب إضمار الفعل قبل الاسم وجب النصب. والرفع جائز على المبتدأ أو الخبر ، وإنما جاز الرفع ؛ لأن الاستفهام قد يقع بعده المبتدأ والخبر كقولك : أزيد قائم؟ فكما جاز الابتداء بعد حرف الاستفهام وإن كان خبره لمبتدأ اسما ، فكذلك يجوز الرفع في الاسم وإن كان خيرا لمبتدأ فعلا ، إذ الفعل المشتغل بالضمير لا تسلط له على المبتدأ فجرى مجرى الاسم ، فلهذا جاز فاعرفه ، وكذلك إذا أدخلت عليه / حرف النفي كقولك : ما