وكذلك سمي الظرف مفعولا فيه ؛ لأن معنى الفعل أنه حلّ فيه ، وكذلك الحال إذ كان معنى قولنا : أقمت ضاحكا أي إقامتي في هذه الحال ، وكذلك قولنا : جئتك مخافة الشرّ. فسمي أيضا من أجله ؛ لأن اللام مقدرة (١).
باب ... (وهو ما كان من الأفعال يتعدى بحرف جر) (٢)
اعلم أن الأصل في هذا الباب أن يتعدى بحرف الجر ، وإنما حذف حرف الجر استخفافا ولا يقاس عليه ، وأكثر ما يحذف منه حرف الجر إذا كان في الفعل دليل عليه ، ألا ترى أن قولك : اخترت الرجال زيدا ، أن لفظ الاختيار يقتضي تبعيضا ، فلهذا جاز حذف (من) لدلالة الفعل عليها.
ومنه ما يحذف استخفافا لكثرته في كلامهم كقولهم : نصحت زيدا ، وسميتك زيدا وكنيتك أبا عبد الله (٣) ، لأن هذه الأشياء قد كثرت في كلامهم فاستخفوها فحذفوا حرف الجر. وكلتك ، ووعدتك حذفوا حرف الجر إذ لا يشكل معناها ، فأما الباء في قولك : لست بمنطلق ، فليست ما تقتضيه منها ليس اقتضاء الأفعال لحرف الجر ، إذ كانت (ليس) تعمل في الخبر كعمل كان في خبرها ، وإنما تدخل في خبر (ليس) على طريق التوكيد للنفي لما ذكرناه في باب (ما) فاعرفه ، وقد تحتمل أن تجعل من [في](٤) قولك (من رجل) مفيدة ذلك ؛ لأن أحدا تستعمل بمعنى العموم ، فإذا قلت ما جاءني أحد ، جاز أن يتوهم ما جاءني واحد فإذا دخلت (من) بطل هذا المعنى ، وصار اللفظ مختصا لنفي الجنس.
__________________
(١) أي : لمخافة الشر.
(٢) كتبت في الأصل في سياق المتن وليس مع العنوان.
(٣) أي نصحت لزيد ، وسميتك بزيد ، وكنيتك بأبي ... وانظر شرح المفصل ٧ / ٦٣ ـ ٦٤ (إدارة الطباعة المنيرية).
(٤) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.