فإن قال قائل : فلم خص فعل التعجب بأن يكون منقولا من الثلاثي (١)؟
قيل له : لأن النقل لا يكون إلا بالأفعال الثلاثية كقولك : قام زيد ، ثم تقول : أقمته ، وكذلك نقول حسن زيد فتخبر عنه ثم تقول : أحسنته ، إذا أردت أنك حسّنته ، نقلت هذه الأفعال إلى لفظ الرباعي ، فصار ما أحسن زيدا بمنزلة شيء أحسن هو زيدا فصار زيد مفعولا يجعل الفعل لغيره (٢).
فإن قال قائل : فلم لا يجوز في الأفعال الرباعية في غير التعجب؟
قيل له في ذلك وجوه :
أحدها : أنه لو جاز النقل في الرباعي لجاز في الخماسي والسداسي ، ولو جاز ذلك أيضا لصار السداسي سباعيا وليس في الأفعال ما هو على سبعة أحرف ، فلما كان نقل الرباعي يؤدي إلى الخروج عن الكلام لم يجز.
ووجه آخر أن الأفعال الأصول تقع على ضربين ثلاثي ورباعي في نقل الثلاثي ليحمل على الرباعي الذي هو الأصل ، فلو نقل الرباعي لم يكن لنا أصل يرد إليه فلهذا لم يجز.
ووجه ثالث : وهو أن الثلاثي أخف الأبنية فلخفته جاز أن تزاد عليه الهمزة للنقل ، وما زاد على الثلاثي فهو ثقيل ، فلم تجز الزيادة فيه.
فإن قال قائل : فلم خصت الهمزة من بين سائر الحروف؟
قيل له : لأنها أقرب إلى حروف المد إذ (٣) كانت من مخرج الألف ، والألف لا
__________________
(١) في الأصل : الثاني.
(٢) قال ابن يعيش في شرح المفصل : " ولا يكون هذا الفعل إلا من الأفعال الثلاثية نحو : ضرب ، علم ، ظرف ..." ، ٧ / ١٤٤ (إدارة الطباعة المنيرية).
وانظر : كتاب قطر الندى وبل الصدى لابن هشام ١١٨ (ط بولاق).
(٣) في الأصل : إذا.