ولا يرخم من الأسماء إلا ما يستحق البناء ، فأما ما جرى في النداء على أصله في النصب فلا يجوز ترخيمه ؛ لأنه في النداء بمنزلته في غير النداء (١) فإن اضطر شاعر جاز أن يرخم الاسم في غير النداء ، ويحمل ذلك في غير النداء على طريق التشبيه ، وإنما صار في الترخيم المختار أن يحذف آخره ويبقى ما قبله على حركته أو سكونه ؛ لأن الاسم في الحقيقة موضع الحذف (٢) ، وإنما يحذف هذا الموضع فقط ، فوجب أن يبقى ما قبله على أصله ليدل ذلك على المحذوف ، وإنما لم يجز ترخيم ما كان على ثلاثة أحرف مما ليس في آخره الهاء ، لأن الغرض في الترخيم تخفيف ، وفي الأسماء ما هو على سبعة أحرف وهو نهاية بنائها ، وأقلها ما كان على ثلاثة أحرف ، وإنما نحط السبعة حتى نبلغ بها إلى الثلاثة ، فلما كانت الثلاثة نهاية في الحقيقة لم ترخم ، وأما ما كان ثالثه الهاء فإنما جاز ترخيمها ؛ لأن الهاء ليست من بناء الاسم ، وإنما هي بمنزلة اسم ضم إلى اسم ، فلما كانت في المعنى منفصلة جاز حذفها ، وأما المبهم فلا يجوز ترخيمه ، لأنه وإن كان معرفة فهو في الأصل من نعت ، أي : فلما كان في المعنى نعتا صار غير منادى ، فلهذا لم يرخم ، وإن شئت قلت : إنه لما كان نعتا للاسم ثم حذفت المنعوت قبح ترخيمه ، لأن ذلك يكون إجحافا به ، وأما الجمل فلا يجوز ترخيمها لأنها تحكى ، وذلك أنك لو رخمتها بطلت حكايتها (٣) ، وأما ما كان في آخره ألف ونون زائدتان فإنما حذفا معا في الترخيم لأنهما زيدا معا فجريا مجرى زيادة واحدة ، وأما ما كان في
__________________
(١) قال سيبويه : " واعلم أن الترخيم لا يكون في مضاف إليه ولا في وصف لأنهما غير مناديين ، ولا ترخم مضافا ولا اسما منونا في النداء من قبل أنه جرى على الأصل". الكتاب ١ / ٣٣٠ (بولاق).
(٢) في الأصل : الحروف.
(٣) جاء في شرح المفصل : " وأما ما يحكى من نحو (تأبط شرا ، وبرق نحره) ونحوهما فإنه لا يرخم لأن النداء لم يؤثر فيه ، وإنما هي جمل محكية ، والترخيم إنما يكون فيما أثر فيه النداء بناء على ما قال سيبويه ، ولو رخمت هذا لرخمت رجلا يسمى بقول عنترة : يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... ومع ذلك فإنه لا يجوز لأنها جمل محكية الإعراب لا حظّ للبناء فيها فاعرفه" ٢ / ٢٣ ـ ٢٤ (إدارة الطباعة المنيرية) ، وانظر : شرح السيرافي ١ / ٥١٦ (دار المأمون للتراث) ، وانظر : الأشباه والنظائر ٢ / ٥٦٥ (مطبوعات المجمع).