الماضي والمستقبل ، وليس تخلو حال الإنسان من أن تكون ماضية أو مستقبلة ، فلهذا وجب إضمار (إذ) و (إذا) لدلالة الكلام عليها.
واعلم أن (أفعل) إذا أضيف إلى جنس كان من جنس ما أضيف إليه ، فلما أضيف أحسن إلى المصدر وجب أن يكون مصدرا والمصادر يكون خبرها ظروف الزمان فلهذا / احتجنا إلى إضمار (إذ وإذا) ، إذ كانا ظرفين من الزمان وموضعهما نصب بإضمار استقر كما تقول : القتال اليوم ، ولا يجوز أن تنصبهما بكان لأنها في موضع جر ب (إذ) و (إذا) والمجرور لا يجوز أن يعمل في الجار.
فإن قال قائل : فهلّا جعلت قائما نصبا على خبر (كان) أو (يكون) التي تلي (ما)؟
قيل له : لا يجوز ذلك لأنّا لو نصبنا قائما على خبر (يكون) لكان مع (يكون) من صلة (ما) وبقي أحسن بغير خبر ، فلهذا بطل أن يكون خبر يكون.
ووجه آخر أنه لو كان خبرا لجاز أن يقع معرفة ، والعرب لا تستعمل هذا إلا نكرة فدل ذلك على أنه حال ، وليس بخبر ، ولهذه العلّة لم يجز أن يكون خبرا لكان المضمرة.
واعلم أن الحال إنما يجوز في هذا الجنس من المسائل متى كانت راجعة إلى غير المصدر كقولك : ضربك زيدا قائما إنما هو راجع إلى زيد وإلى المتكلم ، وإذا كانت الحال راجعة إلى نفس المصدر لم يكن فيها إلا الرفع كقولك : ضربي زيدا شديد ، وإنما وجب الرفع ؛ لأن الأول هو الثاني فصار كقولك : زيد قائم.
واعلم أنه إذا جاز أن تقول : أرخص ما يكون السمن منوان (١) ، فتحذف خبر المنوين الراجع إلى المبتدأ الأول ؛ لأن السعر في نفوس الناس مستقر معلوم بدلالة
__________________
(١) الكتاب ١ / ٢٠٠ (بولاق) ـ المسائل الحلبيات ص ١٨٧ ـ ١٩٦ وجاء فيه : وذلك نحو قولهم : البر أرخص ما يكون قفيزان ، كأنك قلت : البر أرخص أحواله قفيزان.