لأنها وضعت للدلالة على معنى يخص الاسم ، ألا ترى أن أنقص البرية قد يجوز أن يسمى بزيد ، وزيد مأخوذ من الزيادة ، فعلمت لما ذكرنا.
واعلم أن حق النعت أن يكون تعريفه أنقص تعريفا من المنعوت ، ولا يجوز أن تنعت الاسم بالأخص ، وإنما وجب ما ذكرنا لأن المخاطب إذا كان قصده تعريف مخاطبه وجب أن يذكر له أخص الأسماء التي يعرفها المخاطب في الشخص حتى يستغني بها عن التطويل بالنعت ، وإذا ذكر أخصها لم يخل المخاطب من أن يعرفه أولا (١) يعرفه ، فإن عرفه لم يحتج إلى زيادة بيان ، وإن أشكل عليه بيّن بأخص صفة فيه ، حتى يعرفه المخاطب إذ كان اجتماع الأوصاف في شخص واحد لا يكاد يشاركه فيها إلا اليسير ، فلهذا تعرف لكثرة الوصف ، فإذا ثبت ما ذكرناه جاز أن ينعت الاسم العلم بثلاثة أشياء : أحدها : ما فيه الألف واللام ، والثاني المبهم ، والثالث المضاف إلى المعرفة ، وإنما صار الاسم العلم أخص من هذه الأشياء ؛ لأنه وضع في أول أحواله عليه وصفا واحدا من بين سائر الأشخاص ، وليس كذلك ما فيه الألف واللام ، لأن الألف واللام توجب على المخاطب تذكر العهود ، والاسم العلم تذكره إذ كان موضوعا لا يشاركه في هذا الاسم غيره ، والعهد قد يقع في أشياء مختلفة ، فلما كانت الألف واللام توجب ما ذكرنا من التذكر حتى يعرف الشخص بعينه صار أنقص رتبة مما لا يحتاج إلى تذكرة.
وأما المبهم فليس موضوعا لشيء بعينه ، ألا ترى أن الإشارة لا تختص بزيد دون عمرو ، فلما احتاج المشير إلى الشخص أن يميز بين الشخصين حتى يعرف المشار إليه بعينه صار هذا الحكم أنقص رتبة من الأعلام ؛ لأنه يعرف بغيره فصار تعريفه فرعا ، فلذلك صار أنقص من الأعلام مرتبة. وأما المضمر فإنه لا يجوز نعته لأنك لا تضمر حتى يعرفه المخاطب.
__________________
(١) في الأصل : أولى.