غرضهم أن يخبروا عن جميع القوم ، فلذلك عدلوا عن إضافته في اللفظ وأتوا بالواو والنون ليدلو بذلك على استغراق المذكورين.
فأما (كلا) فهي عند البصريين اسم مفرد يدل على اثنين فما فوقهما ، (١) وأما الفراء فيقول هو مثنى وهو مأخوذ من كل فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية (٢) ويحتج بقول الشاعر :
في كلت رجليها سلامى واحده |
|
كلتاهما مقرونة بزائده (٣) |
فأفرد (كلا) وهذا القول ليس بشيء وذلك أنه لو كان مثنى لوجب أن تنقلب ألفه في الجر والنصب ياء مع الاسم المظهر ، فلما وجدناه بالألف في جميع الإعراب علمنا أن ألفه ليست للتثنية ومن جهة المعنى فإن معنى (كلا) مخالفة المعنى (كل) ؛ لأن (كلا) للإحاطة و (كلا) (٤) تدل على شيء مخصوص فعلمنا أيضا في المعنى أنه ليس أحدهما مأخوذا (٥) من الآخر وإنما حذف الشاعر الألف من كلتا (٦) للضرورة وقدر أنها زائدة وما يكون ضرورة لا يجوز أن يجعل حجة.
__________________
(١) قال ابن الأنباري : " وذهب البصريّون إلى أن فيهما إفرادا لفظيا وتثنية معنوية ..."
انظر الإنصاف ١٨٢ مسألة (٦٢) (ليدن).
(٢) قال الفراء : " وقوله : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) ولم يقل : آتتا ، وذلك أن كلتا ثنتان لا يفرد واحدتهما ، وأصله كلّ ... ، قد تفرد العرب إحدى كلتا وهم يذهبون بإفرادها إلى اثنتيها ، أنشدني بعضهم. في كلتا رجليها سلامى واحدة ...".
معاني القرآن ٢ / ١٤٢.
(٣) البيتان من الرجز وهما بلا نسبه واستشهد بهما في معاني القرآن ٢ / ١٤٢ ، أسرار العربية ٢٨٨ ، والإنصاف ٢ / ٤٣٩ ـ ٤٤١ ، والمساعد ٢ / ٣٥٠ ـ ٢ / ٣٩٤ ، واللسان (كلا) ٢٠ / ٩٣ ، والهمع ١ / ١٣٧ ، والخزانة ١ / ١٢٩ ، وفي الأصل كتب البيت الثاني : كلتاهما مقرونة بزيادة.
(٤) في الأصل : كلى.
(٥) في الأصل : مأخوذ.
(٦) في الأصل : كلتى.