فلما تصرفت على أنها فعل ، ومنها أنه قال : وجدنا الحذف يدخلها كقولك : حاشا لزيد ، والحذف إنما يقع في الأفعال والأسماء دون الحروف.
ومنها أنه قال : لو كانت حرفا لما جاز أن يتصل بها لام الجر إذ كان حرف (١) الجر لا يدخل على حرف جر ، وجميع (٢) ما ذكره أبو العباس يمكن تأويله ، فإذا أمكن تأويله كان ما حكى سيبويه أولى ، لأن ذلك متعلق بالحكاية عن العرب ، فلذلك صار قول سيبويه أقوى.
وأما قول النابغة وإنما اشتق من حاشا كما يقول القائل : قد حوقل الرجل وبسمل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله ، وبسم الله ، فكذلك تقدير قول النابغة ، أي هذا المعنى الذي في (حاشا) لا يمتنع قوله لجميع الناس فإذا أعمل ذلك لم يكن في البيت حجة ، فأما الحذف الذي ذكره فقد يوجد في الحرف مثله نحو (رب) و (من) فيجوز أيضا أن يحذف من (حاشا) لكثرة استعمالهم إياها ولاتصال الكلام بها ، وأما الجمع بينها وبين اللام فتقدير ذلك / أن تكون اللام التي للجر متعلقة بفعل آخر أو تكون زائدة فإذا كانت زائدة فلا شبهة في الكلام ، وإذا كانت متعلقة بفعل فالتقدير في قولك : ضربت القوم حاشا لزيد ، لأنك لما قلت حاشا أردت أن تبين من المميز فقلت لزيد أي أعني.
فإن قال قائل : كيف يتبين كلام غير تام ، وإنما يتبين الكلام إذا تممه المتكلم ولم يفهمه المخاطب فحينئذ يجب البيان؟
قيل : قد حكى سيبويه مثل هذه المسألة فقال : إنه المسكين أحمق وقال هذا
__________________
(١) في الأصل : الحرف.
(٢) جاء في الحاشية بإزاء كلامه في المتن كلام لم أتبينه.