أحدهما : بالابتداء ، فإذا قدرت هذا التقدير استوت المعرفة والنكرة بعدها إلا أن الأحسن إذا أردت هذا الوجه أن تكرر فتقول : لا زيد عندي ولا عمرو. ليكون الجواب عن المعرفة خلاف الجواب عن النكرة التي تؤدي معنى الجنس ، ولا يكون مفردا ؛ لأنه جواب : أزيد عندك أم عمرو؟ ولم يحسن الإفراد ؛ لأن هذا الموضع من مواضع (ما) ، فاستغنوا بها عن أن يستعملوا ذلك (لا) فلذلك لم يجز إفراد ما بعد (لا) في هذا الموضع ، وكذلك حكم النكرة بعدها.
والوجه الثاني : أن تشبهها بليس فترفع (١) / الاسم بها ، فإذا قدرتها هذا التقدير لم تعمل أيضا إلا في النكرة وإن كانت قد شبهت ب (ليس) فقد حصل لها الضعف بشبهها ب (ليس) ، ولم يختلف معناها ، فلذلك وجب في العمل أن تلزم طريقة واحدة ، أعني أن تختص بالعمل في النكرة دون المعارف ، ومتى فصل بينها وبين ما تعمل فيه وهي رافعة فالأحسن أن يبطل عملها لما ذكرناه من ضعفها. واعلم أنك إذا قلت : لا مسلمين لك ، فثبتت النون فعند سيبويه أن (لا) مبنية مع التثنية والجمع كبنائها مع الواحد ، ولم يجز حذف النون وإن حذفت التنوين من الواحد ؛ لأن النون أقوى من التنوين ، ألا ترى أنها تثبت مع الألف واللام والتنوين يسقط معهما؟ فقد بان أنه ليس يجب حذف التنوين ، وإنما جرت التثنية والجمع مجرى الواحد في البناء ؛ لأن إعرابها الواحد فصار بمنزلته (٢).
وأما أبو العباس المبرّد فيمنع من ذلك ويجعل التثنية والجمع منصوبين كنصب المضاف ، وإنما امتنع من ذلك ؛ لأنه لم يوجد في كلام العرب اسمان جعلا اسما واحدا والثاني مثنى أو مجموع (٣) فلهذا امتنع منهما. وقول سيبويه أولى
__________________
(١) انظر المغني باب (لا) ٢٦٢ ـ ٢٦٥.
(٢) للتفصيل انظر الكتاب ١ / ٣٤٥ ـ ٣٥٠ (بولاق).
(٣) للتفصيل انظر : المقتضب باب ما يقع مضافا بعد اللام ٤ / ٣٧٣.
وانظر أيضا : ٣٦٤.