فالجواب في ذلك أن (أيا) نائبة عن شيئين أولهما الاسم ، والثاني حرف الاستفهام ، فإذا قلت : أيّهم تضرب؟ فالتقدير : أزيدا تضرب ، فصار الفعل حكمه بعد الاستفهام فلم يجز تقديمه لما ذكرنا على (أي).
واعلم أن (أيا) إذا كانت بمعنى الذي فصلتها تجري مجرى [صلة](١) الذي إلا أن بعض العرب قد استعمل حذف المبتدأ مع (أي) أكثر من استعمالهم حذفه مع الذي كقولك : لأضربن أيهم قائم ، والأصل : لأضربن أيّهم هو قائم ، فإذا حذفوا المبتدأ ألزموا (أيا) الضم ، فعند سيبويه أن الضم في (أيّ) ضم بناء وأنها تجري في هذا الموضع مجرى (قبل وبعد) (٢) ، وأما الخليل فيقول (أي) مرفوعة ، وإنما رفعت في هذا الموضع على الحكاية ، كأنه قال : لأضربنّ الذي يقال له (٣) أيّهم قائم ، فالضرب واقع على الذي (٤) / دون (أي) ، وأما يونس فيقول : ألغوا الفعل كما ألغوا أفعال القلوب (٥) والأقوى عندي من هذه الأقوال قول سيبويه ، وإنما وجب بناء (أي) في هذه الحال لمخالفتها أخواتها ، فلما خرجت عن حكم نظائرها نقصت رتبة فألزمت البناء للنقص الذي دخلها من حذف المبتدأ.
فإن قال قائل : قد وجدنا المفرد إذا بني في حال إفراده ، أعرب في حال إضافته و (أي) إذا حذفت المضاف منها أعربتها كقولك : لأضربن أيا أبوه قائم ، وهذا قلب حكم المبنيات؟
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل.
(٢) للتفصيل انظر الكتاب ١ / ٣٩٧ (هذا باب أي) بولاق.
(٣) في الأصل لهم.
(٤) قال سيبويه : " وزعم الخليل أن (أيّهم) إنما وقع في اضرب أيّهم أفضل على أنه حكاية ، كأنه قال : اضرب الذي يقال له أيهم أفضل ..." الكتاب ١ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨ (بولاق).
(٥) قال سيبويه : " وأمّا يونس فيزعم أنه بمنزلة قولك أشهد إنك لرسول الله ، واضرب معلّقة ، وأرى قولهم اضرب أيّهم أفضل على أنهم جعلوا هذه الضمة بمنزلة الفتحة في خمسة عشر ... ففعلوا ذلك بأيهم حين جاء مجيئا لم تجيء أخواته عليه إلا قليلا ، واستعمل استعمالا لم تستعمله أخواته إلا ضعيفا". الكتاب ١ / ٣٩٨ (بولاق).