فقد سلم لفظ الحد ، ونظير ما ذكرنا أن الأفعال إنما وضعت للدلالة على الزمان ، وإن كنا نفهم أن الفاعل منها يحتاج إلى مكان إلا أن ذلك نفهمه بالتأمل دون اللفظ ، فكذلك المضرب يجري في هذا المجرى ، يدل على صحة ذلك أن العرب إذا أرادت الدلالة على المصدر فقط قالت : المضرب ففتحوا الراء ، فلو كان المضرب يدل على المصدر لم يحتاجوا (١) إلى بناء آخر.
فإن قيل : فما قولكم في ضارب وما أشبهه من أسماء الفاعلين؟
قيل : دالة على الفاعل للضرب من جهة اللفظ ، وإنما يفهم معنى الزمان فيها بالنيّة ، وجاز ذلك لأن اسم الفاعل مشتق عن الفعل فجاز أن ينوى به الزمان لاشتقاقه من لفظ يدل على الزمان.
فإن قيل : أليس كان وأخواتها تدل على الزمان فقط ، فهلا جعلت اسما لدلالتها على معنى مفرد كدلالة (يوم) و (ليلة) وما أشبههما؟!
قيل : إنها وإن كانت تدل على الزمان فقط فقد صرفت تصريف الأفعال ومع ذلك فالغرض من ذكرها العبارة عن المعاني التي تقع في خبر المبتدأ فصارت كأنها دالة على ذلك المعنى والزمان جميعا ، ألا ترى أنك إذا قلت : كان زيد قائما ، دللت ب (كان) على قيام زيد في زمان واحد فلذلك وجب أن تجعل أفعالا.
وأما الفعل فحدّه أن يقال : / كل كلمة تدل على معنى وزمان محصل فهي (٢) فعل ، كقولك : ضرب وانطلق ، يدل على ضرب وانطلاق في زمان.
وله أيضا خواص فمن خواصه التصرف نحو : ضرب يضرب ، وذهب يذهب وما أشبهه : ومنه صحة الأمر نحو : اضرب واقتل وما أشبهه (٣).
__________________
(١) في الأصل : يحتاجون.
(٢) في الأصل : فهو ، وانظر حد الفعل في : مسائل خلافية ، للعكبري ٦٧.
(٣) اكتفى الورّاق بذكر خاصتين من خواص الأفعال دون الباقي ، كدخول قد عليه أو السين وسوف ، أو اتصاله ـ