من هذه الصفات فحكمه كحكم أحمر ، والخلاف كالخلاف في أحمر ، أعني إن سميت بهذه الصفات مع من فإن سميت بإحداها دون من انصرف في النكرة بلا خلاف ، وإنما انصرف في النكرة ؛ لأنه قد زال عن حكم الصفة ؛ لأنه إنما استعمل صفة بمن فلما سميته بأفعل دون من كان كأن لم تسمه بالصفة وكان الذي منعه من الصرف في حال التسمية التعريف ووزن الفعل فإذا نكرته زالت عنه إحدى العلتين فانصرف في النكرة.
واعلم أن ما كان على ثلاثة أحرف من أسماء المؤنث أوسطه ساكن فبعض العرب يصرفه وبعض العرب لا يصرفه (١). والفرق بينهما أن العجمة في الاسم ليست كحكم الزائد عليه لأن لغة العجم مشتركة بسائر اللغات فلهذا لم يثقل حكمها وانصرف الاسم إذ كان على ثلاثة أحرف متحركا أوسطها أو ساكنا ، وأما التأنيث فحكمه زائد على حكم المذكر ، وإن لم يكن لفظ التأنيث موجودا فيه ، إلا أنه مراعى من جهة الحكم ، والدليل على ذلك أنك لو صغرت هندا اسم امرأة (٢) لقلت : هنيدة ، فعلمت أن علامة التأنيث مراعاة فصار التأنيث أثقل لفظا ومعنى ، فلذلك صار حكم التأنيث أقوى من حكم العجمة ، وأما إذا سميت امرأة ب (زيد) فكثير من النحويين لا يصرفون ويفرقون بينه وبين هند ، والفرق بينهما أن زيدا من أسماء المذكر وخفيف في الاسم فتسميتك المؤنث به إخراج له من حكم الأخف فصارت علتان التعريف والتأنيث فلذلك لم ينصرف في المعرفة وليس كذلك حكم هند لأنه من أسماء المؤنث لم يحصل فيه حكم يوجب ثقله فلذلك جاز أن تجعل خفته مقاومة (٣) لأحد الثقيلين.
__________________
(١) للتفصيل : انظر معاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٠ ـ ٩٩. وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ٤٩ ـ ٥١.
(٢) في الأصل : أمرة.
(٣) في الأصل : مقوامة.