واعلم أن أفعل إذا كان صفة مثل : أصفر وأحمر ، وسميت به لم ينصرف عند سيبويه (١) وانصرف في النكرة عند الأخفش (٢) فحجة سيبويه أن أفعل قبل أن يسمى به اسم وإن كان صفة وقد كان في حال التذكير غير منصرف فإذا سميت به فحكم الصفة لم يرتفع عنه وتصير التسمية به كالعارية ، فإذا نكر عاد إلى موضع قد كان لا ينصرف فيه ، والدليل على صحة ذلك إجماع النحويين على قولهم : مررت بنسوة أربع ، فيصرفون أربعا لأنه اسم استعمل وصفا ولو راعوا فيه حكم الوصف لم ينصرف في هذه الحال لأنه على وزن الفعل وهو صفة فلما تقوى حكم الاسم بأن استعملوه صفة ، وكذلك أنه وإن استعمل اسما فحكم الصفة باق فلذلك انصرف ، وأما الأخفش فذهب إلى أن أحمر إنما امتنع من الصرف في النكرة لأنه على وزن الفعل وهو صفة فإذا سمي به زال عنه حكم الصفة فامتنع من الصرف ؛ لأنه معرفة ولأنه على وزن الفعل ، فإذا نكرته بقيت علّة واحدة وهي وزن الفعل فلذلك انصرف (٣) ، وقد بينا فساد هذا القول وأما إن سميت رجلا (يشكر) أو (يزيد) وما أشبه ذلك فإنه ينصرف في النكرة لأن (يزيد ويشكر) وأشباههما قبل التسمية أفعال ، فلو سميت بها انتقلت عن أصلها بالكلية وصارت الأسماء لا يتعلق الفعل بها وامتنعت من الصرف بوجود التعريف ، ومثال الفعل فإذا / نكرتها انصرفت لبقاء علّة واحدة فيها.
وأما (٤) أحمر وما كان على وزن أفعل من فلان مما يستعمل في التفضيل نحو قول : زيد أفضل من عمرو ، وأحسن من فلان ، فإنك إن سميت بها أعني بواحد
__________________
(١) قال سيبويه : " نقول كل (أفعل) يكون وصفا لا تصرفه في معرفة ولا نكرة ، وكل (أفعل) يكون اسما تصرفه في النكرة ..." الكتاب ٢ / ٥ (بولاق) ـ ٣ / ١٩٣ (هارون).
(٢) انظر رأي الأخفش في : ما ينصرف وما لا ينصرف ، باب أفعل الذي يكون صفة إذا سميت به رجلا ، ٧.
وشرح الأشموني ٢ / ٥٣٩ ـ ٥٤٠.
(٣) ذهب المبرد مذهب الأخفش في هذه المسألة. انظر ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ٨.
(٤) في الأصل : وما.