أن التعريف فرع على التنكير وكذلك التأنيث فرع على التذكير لأن كل اسم شيء يقع عليه اسم ، والشيء مذكر فوجب لهذا / أن يكون الأصل التذكير ، ومع ذلك فإن لفظ التأنيث زائد على لفظ التذكير كقولك : قائم وقائمة ، وما كان زائدا فهو متفرع (١) عن الأصل لزيادته عليه ، والعجمة فرع لأنها دخيلة في كلام العرب ، والجمع فرع على الواحد ؛ لأنه يركب منه ، ومثال الفعل فرع وما أشبه الفرع فحكمه حكم الفرع إذ كان أصل البناء الذي منع الصرف هو الأفعال دون الأسماء ، ألا ترى أن المثال الذي يشترك فيه الفعل حكمه حكم الفرع والاسم لا يمتنع الصرف كرجل سميته ب (ضرب) لأن نظيره من الأسماء جمل فصار المثل الذي يختص [يوجب](٢) منع الصرف مختصا بالفعل ، فلذلك كان فرعا في الاسم ، والصفة فرع لأنها تابعة للموصوف ومن أجله دخلت فلما استقرت هذه الأشياء فروعا شابهت الفعل لما ذكرناه.
فإن قال قائل : فلم يمتنع الاسم من الصرف بوجود هذه الفروع فيه؟
قيل له : لأن الشبه من وجه واحد ليس يقوى وذلك أن شيئين متشابهين يتشابهان من وجه واحد فصاعدا ، فلما كان الشبه من وجه واحد لا تأثير له لم ينقل الاسم بهذا الشبه فيزول عن أصله وهو الصرف ، فإذا اجتمع في الاسم فرعان مما ذكرنا أو فروع مما تقوم مقام فرعين ثقل الاسم والتنوين زيادة عليه فمنعوه وشبهوه بالفعل وجعلوا جره كنصبه إذ كان الجر لا يدخل الأفعال فلهذا أشبه هذا النوع الأفعال [ف](٣) منعوه ما لا يدخلها وهو الجر وجعلوا لفظه كلفظ المنصوب ، كما جعلوا النصب في التثنية والجمع كالجر لما بينهما من المشابهة.
__________________
(١) في الأصل : مرفوع.
(٢) كتبت في الأصل على الهامش.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.