قيل له : الفصل بينهما أنك إذا قلت : زيد أفضل من عمرو ، فإنما نقصد إلى فضل زيد على عمرو ، فصار الفضل بمعنى المصدر ، والمصدر قد بينا أنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث فلذلك لزم طريقة واحدة ، وأما ما دخلته الألف واللام فيصير وصفا للذات كقولك : زيد أفضل ، فلما صار صفة للذات جرى مجرى أصفر وأحمر فكما أن أصفر وأحمر يثنى ويجمع وكذلك الأفعال والفعلى.
فإن قال قائل : فلم صار ما في آخره ألف ونون نحو عثمان وبابه يمتنع من الصرف؟
قيل له : لأن الألف والنون في آخره زائدتان كالألف والنون في سكران ، وهاء التأنيث لا تدخل على ما كان مثل عثمان من الأسماء كما لا تدخل هاء التأنيث على سكران فجرى مجراه ، فلذلك لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة ؛ لأنه لم يبلغ بالشبه مبلغ سكران ، وذلك أن سكران مشابه لباب حمراء (١) من أكثر الوجوه ، وعثمان أشبه ما أشبه المؤنث فلذلك صارت علّة الشبه في عثمان أقل حكما منها في سكران. فأما عريان فمنصرف وإن كان صفة وفيه ألف ونون لأن الألف والنون في عريان ليسا بمنزلتهما في سكران وذلك أن هاء التانيث تدخل فيه كقولك : امرأة عريانة ، وإنما ساغ (٢) ذلك لأنه صفة ، وعثمان وبابه أسماء لا تغير عن موضعها ، فلما خالفت الألف والنون في عريان الألف والنون في سكران لم تشبها التأنيث فلذلك انصرف.
واعلم أن ما جعل من الأسماء اسما واحدا نحو : حضرموت ، ومعدي كرب ، وقالي قلا ، وبعلبك (٣) ، وما أشبه ذلك فلك فيه وجهان : إن شئت جعلت
__________________
(١) انظر كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف ٣٥.
(٢) في الأصل : صاغ.
(٣) كتبت في الأصل : بعل بك.