فإن قال قائل : فالخروج عن الأصل يوجب للاسم البناء فهلا بنيتم آخر وأخرى لخروجهما عن نظائرهما؟
قيل له : إن آخر وأخرى وإن خرجا عن حكم نظائرهما فليس هو خروجا مباينا لما عليه الأسماء ، وإنما خروج عن حكم تعريف إلى حكم تنكير ، وأكثر الأسماء يلحقها التعريف والتنكير ، فلم يكن لهذه المخالفة قوة توجب في آخر وأخرى [البناء](١) وما خرج من الأسماء عن نظائره وصار بهذا الخروج مشبها للحروف فهذا المستحق للبناء فلذلك لم يستحق آخر وأخرى البناء لأنه قد نقص بهذا العدل درجة وعن حكم في أخواته ، فجعل هذا من أقسام العلل المانعة للصرف فاجتمع في آخر وأخرى في حال التنكير العدل على ما ذكرناه ، والصفة فلذلك لم ينصرفا.
فإن قال قائل : / فكيف جاز أن تقول جاءتني امرأة أخرى ، ولم يجز أن تقول جاءتني امرأة فضلى (٢)؟
قيل له لما كان أخرى قد أجري مجرى ما فيه الألف واللام اللتين تعاقبان (من) وجاز أن تقول : جاءتني المرأة الفضلى صار أخرى ، وإن لم تكن فيه الألف واللام بمنزلة ما فيه الألف واللام من أخواته ، وإنما لم يجز أن تقول : جاءتني امرأة فضلى ، لأنه يجب أن تستعمله بالألف واللام فتقول : جاءتني المرأة الفضلى ، فأما إذا استعملتها بمن لم يجز فيه لفظ التأنيث ، وكان على لفظ التذكير في المذكر والمؤنث كقولهم : مررت برجل أفضل منك وبامرأة أفضل منك وكذلك حكمه في التثنية والجمع إذا استعمل (بمن) وافترقا إذا استعمل بالألف واللام فثني وجمع وأنث.
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(٢) جاء في شرح المفصل : " وتعتوره حالتان متضادتان لزوم التنكير عند مصاحبه (من) ولزوم التعريف عند مفارقتها فلا يقال زيد الأفضل من عمرو ، ولا زيد أفضل ، وكذلك مؤنثه وتثنيتهما وجمعهما ؛ لا يقال فضلى ولا أفضلان ولا فضليان ولا أفاضل ولا فضليات ولا فضل ، بل الواجب تعريف ذلك باللام أو بالإضافة كقولك : الأفضل : والفضلى ، وأفضل الرجال ، وفضلى النساء ..." ٦ / ٩٥.