الثاني فلما كان قلب الواو ياء واجبا في حال العوض ، وكان العوض في كلامهم أكثر ألزموا الواو القلب فانقلبت إذ لم يعوضوا لئلا يختلف طرفاهما في التصغير ، وإن حذفت الواو قلت : قليسنة ، وإذا كانت الزائدتان للإلحاق نحو : حبنطى (١) لأنه ملحق بسفرجل والدليل على زيادة الألف والنون أنه مأخوذ من حبط بطنه إذا انتفخ فإذا صغرته قلت : حبيطى ، فحذفت النون وقلبت الألف لانكسار ما قبلها ، وإن حذفت الألف قلت : حبينط.
فأما مقعنسس (٢) فالاختيار عند سيبويه حذف أحد السينين مع النون فيصير مقيعس (٣) وأما أبو العباس المبرد فيختار حذف الميم والنون فيصير تصغيره قعيسس ، وإنما اختار أبو العباس بقاء السين للإلحاق والميم والنون زوائد لغير الإلحاق ، والملحق بمنزلة الأصلي ، فلما كان بقاء الأصلي أولى من الزائد اختار بقاء السين (٤) ، وأما حجة سيبويه فإن السين وإن كانت للإلحاق فهي زائدة ، والميم وإن كانت زائدة لغير الإلحاق فلها معنى ، وهو لزومها لأسماء الفاعلين والمفعولين فصار المعنى مقاوما للإلحاق ثم حصل للميم قوة من وجهين / :
أحدهما : أنها في أول الكلمة والسين في آخرها ؛ والأواخر بالحذف أولى من الأوائل.
والثاني : أن التكرار يثقل عليهم فكان حذف السين أولى لاجتماع التكرير فيها وأنها طرف.
__________________
(١) الحبنطى : الممتلئ غيظا وبطنة. القاموس (حبط).
(٢) المقعنسس : الشديد ، تصغيره مقيعس ، أو مقيعيس ، أو قعيس. القاموس (قعس).
(٣) قال سيبويه : " وإذا حقرت مقعنسس حذفت النون وإحدى السينين ، لأنك كنت فاعلا ذلك لو كسّرته للجمع. فإن شئت قلت : مقيعس ، وإن شئت قلت : مقيعيس ..." الكتاب ٣ / ٤٢٩ (هارون).
(٤) قال المبرد : " لو كان سيبويه يقول في تصغير (مقعنسس) : مقيعس ، ومقيعيس ، وليس القياس عندي ما قال. لأن السين في مقعنسس ملحقة ، والملحق كالأصلي. والميم غير ملحقة ، فالقياس : قعيس ، وقعيسيس ، حتى يكون مثل : حريجم ، وحريجيم". المقتضب ٢ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤.