التأنيث (١) ، لأن الاسم قد كان مؤنثا بالألف فلما حذفتها وكان يجوز أن تعوض منها ياء قبل آخر الاسم جعل العوض هاء التانيث ليكون فيها دلالة على التأنيث ، وكان غيره لا يختار ذلك ؛ لأن ألف التأنيث لما ثبت أنها كالأصل وجب أن تحذف ، ولا تحتاج إلى علامة ثانية إذ كان ليس كل اسم مؤنث بعلامة ، فلذلك لم يجز العوض ، فإن كانت ألف التانيث رابعة تركتها على حالها ولم تكسر ما قبلها كراهة أن تزول علامة التأنيث وشبهت الألف بهاء التأنيث فكما يجب أن يكون ما قبل هاء التأنيث في التصغير مفتوحا ولا تؤثر فيها ياء التصغير فكذلك يجب أن يكون ما قبل هذه الألف لتحمل على الهاء لاشتراكهما في التأنيث ، وإنما وجب أن يكون ما قبل هاء التأنيث في التصغير مفتوحا لأن علّة فتح ما قبلها في التكبير موجود في التصغير ، وهي بمنزلة اسم ضم إلى اسم ، فكما وجب أن يكون آخر الاسم الأول مفتوحا وجب أن يكون ما قبل هاء التأنيث مفتوحا في كل موضع.
فإن قال قائل : فألف التأنيث تبطل في الجمع إذا قلت : حبالى ، وذلك أن ألف الجمع توجب كسر ما بعدها فإذا انكسر ما بعد ألف الجمع انقلبت ألف التأنيث ياء ثم قلبت ألفا استثقالا لياء قبلها كسرة في الجمع؟
قيل له : إن الذي ذكرت من حكم ألف التأنيث على ما ذكرت في الجمع ، وبين الجمع والتصغير فرق في حكم ألف التأنيث ، وذلك أن المصغّر والتصغير لا يزول حكمه ومعناه ، فلذلك جاز أن تراعى علامته ولا تحذف ، وأما الجمع فيجب إسقاط حكم الواحد ومجيء معنى آخر ، فإذا أسقط حكم الواحد لم يجب
__________________
ـ السبعة ت ١٥٤ ه ، انظر : طبقات الزبيدي ٢٨ ـ ٣٤ ، معرفة القراء الكبار ١ / ١٠٠ ، والأعلام ٣ / ٤١.
(١) قال المبرد : " ... وكان أبو عمرو بن العلاء يقول في تصغيرها : حبيّرة ، فيحذفها ، ويبدل منها هاء التأنيث ، لتكون في الاسم علامة تأنيث ، ويفعل ذلك بكل ما فيه ألف التأنيث خامسة فصاعدا. ويقول : لم يجز إثباتها لأنها ساكنة ، فإذا حذفتها لم أخل الاسم من علامة تأنيث ثابتة." المقتضب ٢ / ٢٦٢.