يكون إذا فهم معنى الشخص أن يزاد عليه معنى الإعراب ، فإذا كانت معرفته إنما تقع عند الفراغ من الاسم فلا سبيل أن يكون الإعراب [إلا بعد](١) فهم الشخص ومعناه ولو كان على غير هذا لأشكل معناه.
فإن قال قائل : لم خصّوا التنوين من بين سائر الحروف فجعلوه علامة للانصراف؟ (٢) فالجواب في ذلك أن أولى ما يزاد من الحروف للعلامة حروف المد واللين ، وإنما صارت أولى لكثرة دورها في الكلام إذ لا كلمة تخلو منها أو من بعضها فكرهوا أن يزيدوا حرفا منها علامة للانصراف ، إذ كانت هذه الحروف تدل على التثنية والجمع فكان يؤدي زيادتها إلى أحد أمرين : إما اللبس بالتثنية والجمع ، أو يؤدي ذلك إلى ثقل اللفظ ؛ فسقطت زيادتها ولم يكن للحروف شيء أقرب إليها من التنوين لأن التنوين نون خفيفة.
وإنما لقب بهذا اللقب ليفصل بين النون التي يوقف عليها : وبين النون أعني التنوين الذي لا يوقف عليه.
وشبهت بحروف المد واللين أنها غنة في الخيشوم ، فليس على المتكلم فيه كلفة إذ لا يعتمد له في الفم ، فجرى مجرى الألف في الخفة ، إذ كانت هواء في الحلق فلهذا وجب أن يزاد التنوين علامة للانصراف.
فإن قال قائل : فما الذي أحوج إلى إدخال التنوين إلى الفصل الذي ذكرتموه؟ قيل له : لأن الأسماء كلها نوع واحد ثمّ دخل على بعضها ما أوجب له الشبه
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل.
(٢) قال سيبويه : " اعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض ، والأفعال أثقل من الأسماء ، لأن الأسماء هي الأولى وهي أشد تمكنا ، فمن ثمّ لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون" الكتاب ١ / ٢٠ (هارون).
والأصل أن التنوين عندهم علامة للأمكن ، وتركه علامة لما يستثقلون ، لذلك جعله سيبويه فارقا بين المتصرف من الأسماء وغير المتصرف ، وجعله لازما للمتصرف منها لخفته. وانظر التفصيل أيضا في باب ذكر علّة دخول التنوين في الكلام ووجوهه الإيضاح ٩٧.