الحرف ، ولو جاز الابتداء بالساكن لكان ذلك شائعا في أكثر الحروف ، لأن الحركة غير الحروف ، فإذا جاز أن نجرد بعض الحروف من الحركة جاز ذلك في سائر الحروف ، فلما امتنع هذا الحكم عند من يخالف في هذا الموضع إلا في حرف أو حرفين (١) يقدر أنها ساكنة ، وإنما هو اختلاس الحركة مع ما ذكرناه لأن الابتداء بالساكن ممتنع.
والوجه الثاني : أن الابتداء لا بد له من حركة تختصه لما ذكرناه فلو أعرب الأول لم تعرف حركة الإعراب من حركة البناء فلهذا لم يجز أن تدخل في الأول.
ولم يجز أن تدخل في الأوسط لوجهين : أحدهما أن الوسط به / يعرف وزن الكلمة هل هو : فعل أو فعل أو فعل ، فلو أعرب الوسط اختلطت أيضا حركة الإعراب بحركة البناء.
والوجه الثاني : أن من الأشياء ما لا وسط له ، وهو ما كان عدده زوجا نحو ما كان على حرفين ك (يد ودم) وما كان على أربعة أحرف نحو (جعفر) وما كان على ستة أحرف نحو (عضرفوط) (٢) ، فلو أعرب الوسط لأدى ذلك إلى أن يختلف موضع الإعراب إذ كان ما ذكرناه من الأسماء لا وسط له ، فسقط أن تعرب الأوساط ، فلم يبق إلا الأواخر ، فلهذا صارت محلا للإعراب (٣).
ووجه آخر في العلل (٤) ، وهو أن الإعراب قد بينا أنه دخل لإفادة المعنى ، وهو زيادة على الاسم ، وإنما يعرف الشخص عند الفراغ من ذكر اسمه ، فيجب أن
__________________
(١) مكررة في الأصل.
(٢) العضرفوط : وهو العذفوط : دويبة بيضاء ناعمة ، يقال لها العسولّة. ويقال العضرفوط : ذكر العظاء ، ويقال هو من دواب الجن وركائبهم. وتصغيره : عضيرف ، وعضيريف وجمعه : عضافيط ، وعضرفوطات ، وعضارف.
اللسان (عضرفط) ، والتاج (عضرط) ، والقاموس المحيط (عضرط).
(٣) هذا رأي المبرد كما نقل الزجّاجي ، انظر الإيضاح ٧٦.
(٤) في الأصل : اللعل.