الواحد ، فلما شابهت هذه الأسماء التثنية والجمع في هذا الحكم كانت أولى من غيرها التي لا مشاركة بينها وبين التثنية والجمع في هذا الحكم.
والوجه الثاني : أن هذه الأسماء تفرد في اللفظ فيصير إعرابها بالحركات نحو قولك : هذا أب ، ورأيت أبا ، ومررت بأب ، فقد لزمت أوساطها الحركات فلما ، ردّوها إلى أصلها في الإضافة وقد كانت أوساطها تدخلها حركة الإعراب أرادوا أن يبقوا هذا الحكم فيها ليدل بذلك على أنها مما يصح أن يعرب بالحركات في حال الانفراد فوجب أن يضموا أوساطها في الرفع فلما ضموا أوسطها انقلب آخرها واوا لأن أصلها فعل فحق أواخرها أن تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، والألف متى انضم ما قبلها صارت واوا وكذلك إذا انكسر ما قبلها صارت ياء ، فلهذا وجب أن تختلف أواخر هذه الأسماء بالحروف. واعلم أن الإعراب في الحقيقة مقدر في هذه الحروف إذ شرط الإعراب أن يكون زيادة على بناء الاسم ، ولا يجوز أن يكون ما تفتقر إليه الكلمة من بنائها إعرابا ، وإذا كان كذلك فالإعراب مقدر كما في الأسماء المقصورة ، وسنبين لم وجب تقديره ولم يستحق اللفظ به في موضعه.
فإن قال قائل : فلم وجب أن يكون الإعراب في آخر الكلمة دون أولها ووسطها (١)؟ فالجواب في ذلك أن الأوائل لا يصح أن تكون مواضع الإعراب لوجهين :
أحدهما : أن بعض الإعراب سكون ، فلو أعربت الأوائل لأدّى ذلك أن يبتدأ بالساكن ، وهذا محال ؛ لأن المبتدأ مهيج للنطق فلا يجوز أن يثير تهيجه حركة مع
__________________
(١) عقد الزجّاجي بابا عنوانه : لم يدخل الإعراب في آخر الكلمة دون أولها ووسطها؟
انظر الإيضاح ٧٦ وقد أيد الزجّاجي جميع النحاة في أقوالهم ، والأشباه والنظائر ١ / ١٨١ ؛ فقد عرض السّيوطي آراء بعض النحاة في هذه العلّة ، وأيّد الجميع فيما ذهبوا إليه أيضا.