أحدها : أن حروف الجزم أضعف من حروف الجر لأن الفعل أضعف من الاسم ، والجر على هذا يجب أن يكون أقوى من الجزم ، وعوامل الجر لا يجوز حذفها ، وما هو أضعف منها أولى أن يحذف (١).
ووجه آخر : وهو أن هذه الزوائد أوجبت للفعل المضارعة للاسم ، فوجب أن يزول الإعراب الذي وجب من أجلها.
ووجه آخر : وهو أن شرط المعرب أن تعتقب (٢) في آخره الحركات (٣) باختلاف العوامل ، وشرط المبني أن يلزم طريقة واحدة ، فلما وجدنا فعل الأمر لا يزول عن السكون / وجب أن يلحق بحكم المبنيات دون المعرب (٤).
والأسماء لا يصح دخول الجزم عليها نحو : صه ومه : وما أشبه ذلك ، فقد بان بما ذكرنا أن فعل الأمر يجب (٥) أن يكون مبنيا على السكون (٦).
فإن قال قائل : لم صارت هذه الأسماء الستة تختلف أواخرها ، نحو : جاءني أخوك ، ورأيت أخاك ، ومررت بأخيك ، وغيرها من الأسماء إنما تختلف أواخرها بالحركات؟ (٧) فالجواب في ذلك من وجهين :
أحدهما : أن يكونوا جعلوا هذه الأسماء مختلفة الآواخر توطئة لما يأتي من التثنية والجمع ، وصارت هذه الأسماء أولى بالتوطئة من غيرها لأنها أسماء لا تنفك من إضافة المعنى ، والإضافة فرع على الأصل ، كما أن التثنية والجمع فرع على
__________________
(١) في الأصل : تحذف.
(٢) مكررة في الأصل.
(٣) في الأصل : الحركاة.
(٤) جاء في الأصل بعد (دون المعرب) : وليس معنى دخول معنى الأمر ، وفي الكلام اضطراب لا تستقيم معه الجملة.
(٥) في الأصل : يوجب.
(٦) تفصيل العلّة في الإنصاف المسألة : ٧٢ (فعل الأمر معرب أو مبني؟).
(٧) انظر الإنصاف المسألة : ٢ (الاختلاف في إعراب الأسماء الستة).