قولك أكرم في أوله همزة ثم أدخلت عليه حرف المضارعة وجب أن تقول يؤكرم ، كما تقول : يدحرج ، إلا أنهم لو قالوا لزم المتكلم أنا أأكرم فيجمع بين همزتين زائدتين ، وقد وجدنا العرب تستثقل الجمع بين همزتين (١) ، والثانية منهما أصل فتحذفهما جميعا نحو قولك : خذ وكل ، وهما من : أخذ وأكل ، فلما حذفت الهمزة الأصلية كان حذف الزائد لازما وبقيت همزة المتكلم لأنها دخلت المعنى ثم أجروا ما في أوله حرف المضارعة مجرى الهمزة في الحذف لئلا يختلف طريق الفعل وإن اضطر الشاعر جاز أن يأتي به على الأصل كما قال الشاعر(٢):
... |
|
لأنه أهل لأن يؤكرما (٣) |
فقد بان بما ذكرناه أن الأصل في يكرم : يؤكرم ، وأما في الأمر من أكرم يكرم فإنه إذا أمر حذف التاء من تكرم فبقيت الكاف ساكنة ولا يجوز الابتداء بالساكن فوجب أن ترد الهمزة الذاهبة لأنها أولى من زيادة همزة ليست مرادة في الكلمة ، فلذلك وجب ردها دون ألف الوصل وقد ابتدت مفتوحة على أصلها فقالوا : أكرم زيدا ، وإنما خصت لام همزة التعريف بالفتح لأنها دخلت على حرف وأصل الحرف أن يبنى على الفتح فلما ألزمت اللام السكون / جعل ما كان يستحق اللام داخلا على الألف ، وأما ألف إبراهيم وإسماعيل فإنما حكمتم عليهما بأنهما أصل لأنه (٤) بعد الهمزة أربعة أحرف أصول ، والهمزة لا تلحق بناءات الأربعة زائدة ، فوجب أن تجعل من نفس الكلمة قياسا على كلام العرب ،
__________________
(١) انظر مسائل الخلاف للأنباري ، المسألة الأولى ٤ (ط ليدن).
(٢) الشاهد من الرجز وهو في المقتضب ٢ / ٩٨ ، والخصائص ١ / ١٤٤ ، والإنصاف ١ / ١١ ـ ١٢ ونسبه المحقق إلى أبي حيان الفقعسي ، وفي الارتشاف ١ / ١١٨ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٤٦ ، والهمع ٦ / ٢٥١.
(٣) في الأصل : يؤكرمها.
(٤) في الأصل : أصلان.