بقي ما قبل الياء مضموما عادت واوا فبان أنهم قصدوا الفصل بين الاسم والفعل بهذا التغيير(١)
فإن قال قائل : فلم صار التغيير بالاسم أولى من الفعل؟
قيل له : إن الاسم يلحقه في آخره (٢) علامة الإضافة ، والنسبة ، ويدخله التصغير والجمع المكسر ، والترخيم مع الإعراب فصارت تغييرات تلحق الاسم دون الفعل فلما احتاجوا إلى تغيير أحدهما كان التغيير لما يلزمه التغيير في كثير من أحواله ألزم وأولى مما لا يلزمه التغيير.
قال أبو الحسن الأخفش : اعلم أن الأسماء المقصورة إنما ألزمت وجها واحدا لأن أواخرها لا تخلو من أحد أمرين : إما أن تكون منقلبة من واو أو ياء ، أو تكون للتأنيث غير منقلبة والذي أوجب قلبها ألفات ؛ تحركها وانفتاح ما قبلها فلو حركتها رجعت همزات فلما كان الإعراب لا يسلم منها كراهية إدخاله مع ما يوجب إسقاطه فيؤدي ذلك إلى التعب ، فلم يجز تحرك المقصور وقدر فيه الإعراب.
فأما ألف التأنيث فلو حركت لم تخل من أحد أمرين : إما أن تقلب إلى الياء أو إلى الواو أو إلى الهمزة فلم يجز قلبها همزة لأن ذلك يلتبس بما أصله الهمزة ، ولو قلبت واوا أو ياء لوجب أن يرجع إلى الألف لما ذكرنا من أن الواو والياء متى تحركتا وانفتح ما قبلها وجب أن تقلبا (٣) ألفا فلا يسلم الإعراب ، فلهذا وجب أن تقر على حالها ومع هذا فقلبها يبطل علامة التأنيث فكان بقاء العلامة أولى من إدخال الإعراب ، لأن الإعراب قد يسقط من جميع الأسماء في الوقف فكان أولى
__________________
(١) جاء ذلك مفصلا في كتب الصرف ، انظر : المبدع في التصريف ١٩٧ شذا العرف ١٥٥.
(٢) في الأصل : آخر.
(٣) في الأصل : تقلب ، وأثبت ما يناسب السياق.