لأن قولك : ضرب ثلاثة أحرف ، فإذا قلت : يضرب فقد زدت عليه حرفا ، فما لا زيادة فيه قبل ما فيه الزيادة.
فإن قال قائل : فلم جعلتم للمستقبل والحال عبارة واحدة تدل عليهما ولم تشركوا بين الماضي والحال بعبارة واحدة (١)؟
ففي ذلك جوابان :
أحدهما : أن المستقبل قد حصل مضارعا للأسماء دون الماضي ، ووجدنا الأسماء قد تستعمل اللفظة الواحدة منها لأشياء مختلفة ، ألا ترى أنهم قالوا : العين ، لعين الإنسان ، ولعين الماء ، ولعين الميزان ، ولحقيقة الشيء ، وللطليعة ، وغير ذلك ، فكذلك أيضا جعلوا عبارة واحدة تدل على معنيين في الأفعال المضارعة كما جعلوا ذلك في الأسماء. وأما الماضي فإنه لم يجب له هذا الحكم.
والوجه الثاني : أن الحال لما كان وقته قصيرا لم يستحق لفظا يخص به لقصر مدته فجعل تبعا في العبارة للزمان المستقبل لاشتراكهما في تقدمهما للماضي ، فلهذا وجب أن ترتب الأفعال على الأزمنة / الثلاثة وقد بيّنا حكم الأفعال في الإعراب والبناء فلهذا لم نعده(٢)
فإن قال قائل : فلم خص الفعل المضارع بهذه الزوائد من بين سائر الحروف؟
فالجواب في ذلك أنّا قد بينا أن أول ما تزاد حروف المد ، إلا أن الواو لم يجز
__________________
(١) عقد الزجّاجي بابا عن فعل الحال وحقيقته قال فيه : (... ففعل الحال في الحقيقة مستقبل ، لأنه يكون أولا أولا فكل جزء خرج منه إلى الوجود صار في حيز المضيّ فلهذه العلّة جاء فعل الحال بلفظ المستقبل نحو قولك : زيد يقوم الآن ، ويقوم غدا ... فإن أردت أن تخلصه للاستقبال أدخلت عليه السين أو سوف ...) والوجه الأول الذي ذكره الورّاق إجابة عن السؤال ، هو ما أجاب به الزجّاجي تماما حتى إن الاستشهاد بالعين مثلا ورد عند الاثنين. انظر الإيضاح ٨٧ ـ ٨٨.
وانظر المساعد على تسهيل الفوائد وفيه يبيّن ابن عقيل أن صلاحية الحال للاستقبال هو مذهب الجمهور ١ / ١٢.
(٢) تقدم الحديث عن ذلك في ص ٢٩.