كما تقول : قائم وقائمة ، ولم يجعل العلامة بالنقص في اللفظ الذي هو الأصل لئلا يزول معناه ، وإنما خص المؤنث بالياء علامة ، لأن علامة التأنيث قد تكون بالكسر وبالياء في نحو : هذي أمة الله ، ورأيتك ذاهبة.
فإن قال قائل / من أين زعمتم أن الياء في تضربين ضمير الفاعل دون أن تكون علامة محضة؟.
قيل إذا (١) ثنّينا أسقطنا الياء فقلنا : أنتما تضربان ، فلو كانت الياء علامة محضة لم يجز إسقاطها ، ألا ترى أنك تقول : قامتا ، وذهبتا ، فثبتت التاء مع إدخال الضمير ، فلما سقطت الياء علمنا أنها ضمير الفاعل لأن الألف تكفي (٢) منها وليست بعلامة محضة ولكنها علامة وضمير ، وإنما زيدت عليها النون لأن الفعل لما ظهر فاعله ، والفعل والفاعل بمنزلة شيء واحد ، لم يخرج الفعل بإظهار الفاعل عما يوجب له (٣) الإعراب ، إذ كانت المضارعة ثانية له وقد بطل أن يكون آخر الفعل حرف الإعراب لأنه قد لزمه اللين من أجل الياء ، فوجب أن تجعل فيه علامة الإعراب ، وقد بينا أن النون تشبه حروف المد وهي أولى بالزيادة بعدها فزيدت النون ، وجعلت علامة للرفع بمنزلة الضمة فلهذا زيدت النون.
وأما الغائب فجعل لفظ المذكر المخاطب للمؤنث الغائب كقولهم : هي تقوم ، وإنما وجب ذلك لأن صيغة الفعل يكتفى بها في العلامة من غير زيادة لفظ آخر وجعلوا للمذكر الغائب الياء فوقع الفصل بينهما بالياء والنون كقولك : يضربن لجماعة المؤنث ، وهم يضربون لجماعة المذكر.
__________________
(١) في الأصل : إذ ، وهي لا تناسب السياق.
(٢) في الأصل : تكتفي.
(٣) في الأصل : لها. وقد أثبت المناسب.