قيل له : لما وجب ل (لم) عمل للفعل بما ذكرناه ، فلو ألزموه الماضي لما بان عمله (١) ، فوجب أن ينقل لفظ الماضي إلى لفظ المستقبل حتى يتبين الجزم.
فإن قيل : أليس أصل حروف الشرط أن يليها المستقبل كقولك : إن تضرب أضرب ، ثم جوزوا أن يليها الماضي فهلّا استقام مثل هذا في (لم) وأوقعتم من بعدها الماضي والمستقبل جميعا؟.
قيل له : الفصل بينهما أن أصل حروف الجزاء أن يليها المستقبل لأن الجزاء إنما يكون في المستقبل ، والفعل المضارع أثقل من الماضي إذ كان [الماضي](٢) أخف منه.
وأما (لم) فالأصل أن يليها الماضي ، وقد أوجبت العلّة إسقاط الأصل واستعمال الثقيل أعني المضارع فلم يجز أن يرجع إليه ؛ لأنهم لو استعملوا الأصل الذي هو الخفيف وقع الجازم على غير ما بني له ، والمعنى لا يشاكل (٣) المضارع فوجب إسقاط الأصل وأساؤوا (٤) استعمال المضارع في موضعه فلذلك افترقا فاعرفه.
واعلم أن الأمثلة التي تعلم (٥) نحو : يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلون ، وأنت تفعلين ، فإنما وجب أن يكون إعرابها بالنون (٦) ، لأن هذه الأفعال لما لحقتها ضمائر الفاعلين / وكان الفعل والفاعل كالشيء الواحد وجب أن يظهر الضمير معها كبعض حروفها.
__________________
(١) في الأصل : شيئا.
(٢) زيادة ليست في الأصل ؛ يقتضيها السياق
(٣) في الأصل : بشكل.
(٤) في الأصل : أساوا
(٥) يعني الأفعال الخمسة
(٦) قال ابن مالك :
واجعل لنحو (يفعلان) النّونا |
|
رفعا ، وتدعين وتسألونا |
وحذفها للجزم والنّصب سمه |
|
كلم تكوني لترومي مظلمه |
شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ١ / ٧٨ ـ ٧٩ (دار الفكر).