فأمّا الواو التي هي عوض من رب فلا يصح دخول واو العطف عليها فدلّ ذلك على أنها واو العطف ، وأنها عوض وليست ببدل ، وأما التاء فهي بدل من الواو ، والدليل على ذلك أن الحرف لا يجوز أن يبدل من الحرف إلا أن تكون بينهما مناسبة ، ولا مناسبة بينها وبين الباء ، لأنها ليست من مخرجها ولا قريبة منها فلا يشتركان في شيء فلم تجعل بدلا منها ، وأما الواو فهي تشابه التاء لأنها من حروف الزوائد ، والباء (١) والتاء أقرب حروف البدل إلى الواو ، فلهذا كانت بدلا من الواو دون الباء : وكانت أولى من سائر الحروف أيضا ، والذي يدل على أنها ليست بأصل ، ما ذكرناه في الواو وإنما خصت باسم واحد [لأنها لو استعملت في اسمين لم يكن بينهما وبين ما سواهما حرف فوجب أن يلزم اسما واحدا](٢) ليدل بذلك على أنها بدل من بدل ، وأنها أضعف حكما من الواو ومع هذا فالتاء أنقص حكما منها ؛ لأنها تدخل على اسم الله تعالى فقط ، فدل على أنها ليست بأصل وقد بينا في الشرح لم صار اختصاصها باسم الله تعالى أولى من سائر الأسماء ، ولم منعت الدخول على غيره بما يغني عن إعادته.
وأما (أيمن الله) فاشتقاقها من أحد أمرين : إمّا أن يكون من اليمين ، لأن العرب قد تحلف بلفظ اليمين فتقول : يمين الله لأفعلن ، ثمّ غيّر إلى لفظ أيمن وقد بينا حكمه.
فإن قيل : كيف جاز أن يقال أم الله (٣) لأفعلن فتدخل ألف الوصل على الميم وهي متحركة؟.
__________________
(١) في الأصل : والبدل.
(٢) كتبت في الأصل على الهامش.
(٣) في الأصل (أيم) والذي أثبته هو المناسب لقوله : تدخل ألف الوصل على الميم وهي متحركة. وقوله بعد : داخلة على الياء وهي ساكنة فلما حذفت ...
انظر المسألة التاسعة والخمسين من مسائل الخلاف ، الإنصاف ٢ / ٤٠٤ ـ ٤٠٩.