المضمر والمظهر بعد الباء كقولك : بالله (١) وبه ، ولا يستعمل المضمر بعد الواو (٢) ، فلو لا أن الواو فرع لما منعت ما يستعمل في غيرها ، فلمّا منعت ذلك دلّ على أنها فرع.
فإن قال قائل : فمن أي وجه جاز أن تبدل الواو من الباء دون غيرها؟.
فالجواب في ذلك أن الواو من مخرج الباء وهي مع ذلك كثيرة الدور في الكلام وتزاد في مواضع كثيرة فلقربها من الباء وما فيها مما ذكرناه كانت أولى من غيرها.
فإن قال : أليس عندكم أنه لا يجوز حذف الفعل / إذا كان يتعدى بحرف جر فكيف جاز في القسم أن تقول : بالله ، وأنت تقدر فعلا يتعدى بالباء ولا يجوز أن تقول : بزيد ، وأنت تريد مررت بزيد؟.
قيل له : إنما ساغ ذلك في القسم لأنه كثير الدور في كلامهم ، ومع هذا فإنه يحتاج إلى جواب فصار افتقاره إلى الجواب كالعوض من حذف الفعل مع كثرة الاستعمال.
فإن قال قائل : فهل (الواو) التي هي بدل من الباء في القسم تجري مجرى [الواو التي](٣) هي عوض من (رب) هي واو العطف ، فالخفض بعدها [بإضمار](٤) رب؟.
قيل له : أما الواو في القسم فهي بدل من الباء ، والخفض يقع بالواو دون الباء والدليل على ذلك أنه يحسن أن تدخل على واو القسم واو العطف كما تدخل على الباء فتقول : وو الله لأفعلن ، كما تقول وبالله ، فدل على أنها بمنزلة الباء :
__________________
(١) قال ابن هشام في حديثه عن الباء في المغني ١ / ١١٢ : " ودخولها على الضمير نحو : بك لأفعلنّ ..." (دار الفكر).
(٢) وقال ابن هشام أيضا عن واو القسم : " واو القسم ، ولا تدخل إلا على مظهر ، ولا تتعلق إلا بمحذوف" ١ / ٤٠٠.
(٣) في الأصل كتبت على الهامش.
(٤) كتبت في الأصل على الهامش.