اعتمد على الخليل فهو ينقل عنه ويثبت أقواله وآراءه.
إن مقدمة «العين» على ايجازها ، أول مادة في علم الأصوات دلت على أصالة علم الخليل وأنه صاحب هذا العلم ورائده الأول.
في هذه المقدمة بواكير معلومات صوتية لم يدركها العلم فيما خلا العربية من اللغات الا بعد قرون عدة من عصر الخليل. لقد جاء في المقدمة قوله :
«هذا ما ألفه الخليل بن أحمد البصري من حروف : ا ب ت ث مع ما تكملت به فكان مدار كلام العرب وألفاظهم ، ولا يخرج منها عنه شيء.
أراد أن يعرف بها العرب في أشعارها وأمثالها ومخاطبتها ، وألا يشذ عنه شيء من ذلك ، فأعمل فكره فيه فلم يمكنه أن يبتدىء التأليف من أول ا ب ت ث ، وهو الألف ، لأن الألف حرف معتل ، فلما فاته الحرف الأول كره أن يبتدىء بالثاني وهو الباء إلا بعد حجة واستقصاء النظر ، فدبّر ونظر الى الحروف كلها وذاقها فصير أولاها بالابتداء أدخل حرف منها في الحلق.
وانما كان ذواقه اياها أنه كان يفتح فاه بالألف ثم يظهر الحرف نحو : أب ، أع ، أغ ، فوجد العين ادخل الحروف في الحلق فجعلها أول الكتاب ثم ما قرب منها الأرفع فالارفع حتى أتى على اخرها وهو الميم.
في هذه المادة الأولى فائدة لغوية هي أن الخليل مبتدع طريقة علمية قائمة على تحليل أصوات الكلمة ومشاهدتها في طريقة اخراجها في حيز الفم.
وانت تحس أن الخليل كان على علم بالجهاز الصوتي وتركيبه واجزائه وما اشتمل عليه من احياز ومدارج فاستطاع أن يحدد مخارج الأصوات.
ومن المفيد أن نلاحظ أن مصطلح «صوت» لم يرد في مادة الخليل الصوتية ، ولم يكن من مصطلح العلم اللغوي إلا في القرن الرابع الهجري فقد ورد في مصطلح ابن جني «التصريف الملوكي».