تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) ، وقوله صلّى الله عليه وآله : «رفع عن امتي تسعة ...» (٢) وغيرهما ، ومثله في ذلك ما كان بنحو القضية الشرطية صريحا نحو قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً)(٣).
وامتناع ثبوت الحكم لغير الموجود إنما هو بمعنى امتناع فعلية الحكم في حقه ، والدليل المذكور غير متضمن للحكم الفعلي ، بل لمجرد جعل الحكم على موضوعه وإنشائه ، بحيث لا يكون فعليا إلا بفعليته ، فكما يشمل الموجودين غير المتصفين بعنوان الموضوع إذا اتصفوا به بعد ذلك ، كذلك يشمل غير الموجودين إذا وجدوا واتصفوا به بعد ذلك.
ولا يخل بذلك توجيه الخطاب بالقضية لجماعة خاصة أو لشخص واحد كالنبي صلّى الله عليه وآله ، لأن خطابهم لمجرد الإعلام أو لطلب التبليغ ، لا لاختصاص الحكم بهم ، ولذا قد لا يكونون واجدين لموضوع الحكم.
وأما ما ورد بلسان خطاب الموضوع ، كما في كثير من آيات الأحكام والنصوص المتضمنة لخطاب السائلين أو الحاضرين بأحكامهم ، فقد يمنع العموم فيه لمن لم يحضر مجلس الخطاب من الموجودين فضلا عن غيرهم ، لامتناع الخطاب الحقيقي مع غير المواجه به.
وقد حاول المحقق الخراساني قدّس سرّه دفع ذلك بأن أدوات الخطاب كضمائره وأدوات النداء ونحوها ليست موضوعة للخطاب الحقيقي ، بل الإيقاعي الإنشائي ، وإن كان بداع آخر غير التفهيم من التحسر والتأسف وغيرهما ، كما في خطاب العجماوات والجمادات وغيرها مما لا يصلح للخطاب الحقيقي.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.
(٢) راجع الوسائل ج ٥ باب : ٣٠ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢ وكذا الجزء ١١.
باب : ٥٦ من ابواب جهاد النفس.
(٣) سورة الإسراء : ٣٣.