الأول من مبحث الملازمات العقلية ـ فهو الحكم بمجرد الحسن والقبح من دون أن يرجع إلى استحقاق العقاب والثواب ، حيث لا يكفي ذلك في محركية المكلف وجريه على طبقه ما لم يستتبع حكم الشارع وجعله المستتبع للعقاب والثواب بنظر العقل ، فيجب على الشارع الجعل حفظا لمقتضى حكم العقل.
اللهم إلّا ألا يريد من وجوب حفظ الغرض عقلا وجوبه على المكلف ، بنحو يستتبع استحقاق العقاب والثواب ، بل وجوبه على الشارع ، بتقريب أنه كما يجب على الشارع حفظ الملاك الفعلي بجعل التكليف على طبقه في وقته يجب عليه حفظه بالتكليف قبل الوقت بالمقدمة التي يتوقف حفظ المكلف به في وقته بالإتيان بها حينئذ.
لكنه مخالف لظاهر كلامه جدا ـ وإن ناسب بعض فقراته ـ خصوصا مع استدلاله بقاعدة أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، لوضوح رجوعها إلى أن التفويت بالاختيار الذي هو فعل المكلف مورد للمسئولية عقلا.
على أن من الظاهر أن وجوب حفظ الملاك على الشارع بالتكليف بالمقدمة السابقة على الوقت فرع أهميته بالنحو المقتضي لذلك ، لاختلاف الملاكات في ذلك ، ولا طريق لإحراز ذلك إلا من طريق الشارع ، ومرجع ذلك إلى توقف وجوب المقدمة المفوتة على الدليل الخاص الذي هو خارج عن محل الكلام ، ولا يكفي فيه إطلاق دليل الواجب المقتضي لفعلية التكليف في الوقت مع ما هو المعلوم من توقف فعلية التكليف على القدرة ، وفرض أن وجوب حفظ القدرة بفعل المقدمة المفوتة تابع لجعل خاص غير محرز.
وهذا بخلاف ما لو تمّ حكم العقل بالوجه الأول ، لرجوعه إلى أن فعلية التكليف في الوقت مع القدرة تبعا لفعلية ملاكه ـ المفروض إحرازها بإطلاق دليله ـ كما يقتضي حكم العقل بوجوب امتثاله في وقته مع القدرة عليه ، بنحو يستتبع العقاب والثواب ، كذلك يقتضي حكمه بالنحو المذكور بوجوب حفظ