القدرة عليه بفعل المقدمة المفوتة وقبح تفويته بتركها ، بلا حاجة إلى جعل شرعي ، لأنه من شئون إطاعة التكليف ولواحقها.
وأشكل من ذلك ما ذكره قدّس سرّه من أن متمم الجعل المذكور يقتضي حفظ الواجب في وقته ووجوب مقدمته المفوتة شرعا حتى لو كان وقت المقدمة سابقا على البلوغ.
إذ فيه : أن ذلك مناف لإطلاق دليل رفع القلم عن الصبي.
وأما ما ذكره قدّس سرّه من أن البلوغ إنما يكون شرطا للتكاليف الشرعية التي لم تستكشف بقاعدة يستقل العقل بها ، دون ما استكشف من استقلال العقل بحكم ، حيث يستحيل اشتراط تلك التكاليف بالبلوغ وعدم تحققها قبله ، لمنافاته للحكم الذي استقل به العقل ، كما في وجوب المعرفة في الاصول الاعتقادية قبل البلوغ ، فإن العقل يستقل به لأجل أن يكون المكلف مؤمنا في أول زمان بلوغه ، ولا يتخلف عنه في أول أزمنته بالمقدار الذي يقتضيه الفحص.
فهو كما ترى! لوضوح أن حكم العقل المذكور. إن اريد به حكمه في حق المكلف بوجوب حفظ غرض المولى في وقته ، المستفاد من فعلية تكليفه حينئذ ، فهو متفرع على التكليف الشرعي المذكور وفي طوله ، وراجع لاستحقاق العقاب على مخالفته ، فمع حكم الشارع نفسه برفع القلم عن الصبي لا مجال لحكم العقل المذكور ، إذ مع تفريط الصبي في المقدمة فالعقاب على فوت الواجب في وقته إن كان بلحاظ تفريطه حال صباه فهو مخالف لرفع القلم عن الصبي ، وإن كان بلحاظ تركه للواجب بعد البلوغ فالمفروض تعذره في حقه.
ومرجع ذلك إلى أن مقتضى الجمع بين إطلاق دليل الحكم المقتضي لفعليته في الوقت وإطلاق حديث رفع القلم توقف فعلية الحكم في الوقت على قدرة المكلف بعد بلوغه على حفظه ، بأن تتحقق المقدمة في الفرض قبل البلوغ ، لعدم تمامية ملاكه بنحو يقتضي الإلزام إلا حينئذ ، لا عموم فعليته تبعا