والظاهر أن مجرد التضاد بين الشيئين بنحو يمتنع اجتماعهما في الوجود لا يقتضي إلا ملازمة وجود أحدهما لعدم الآخر وتركه ، دون توقفه عليه الذي هو المعيار في المقدمية.
ويظهر من بعض المحققين قدّس سرّه كفاية ذلك في التوقف والمقدمية ، بدعوى : أن عدم الضد متمم لقابلية الموضوع للاتصاف بالضد الآخر ، وقابلية الموضوع لعروض الشيء من أجزاء علة ذلك الشيء التي يتوقف عليها وجوده.
ويدفعه : أن مجرد امتناع اجتماع الضدين في الموضوع الواحد لا يستلزم توقف قابلية الموضوع لأحد الضدين على خلوه عن ضده الآخر في رتبة سابقة عليه ، ليكون عدم الضد من مقدمات ضده وأجزاء علته التي يفتقر وجوده إليها ، وإنما يتم ذلك في المانع.
ومحصل الفرق بين المانع والضد : أن المانع ما يستند إليه عدم تأثير المقتضي حين وجوده ـ بما له من خصوصية ذاتية وعرضية معتبرة في التأثير ـ في المعلول ، إما لخصوصيته التكوينية ، كالرطوبة المانعة من تأثير النار للإحراق ، أو لأخذ عدمه في الموضوع شرعا كزوجية الأمّ المانعة من زوجية بنتها.
من دون فرق بين ما إذا كان المانع غير ممكن الارتفاع إما لمانعيته مطلقا بحدوثه ، كزوجية البنت المانعة من زوجية امها ، أو بحدوثه وبقائه مع تعذر ارتفاعه ، كالسور الحصين المانع من اقتحام العدو للمدينة ، وما إذا كان ممكن الارتفاع ، إما بتأثير المقتضي بأن يكون المقتضي بحدوثه مؤثرا فيه ورافعا له أولا ثم يكون باستمراره مؤثرا في المعلول بعد رفعه للمانع ، كالرطوبة المانعة من تأثير النار في أطراف الجسم بمماسته إلا بعد تجفيفها له مع استمرارها بعد التجفيف أو برافع آخر كغلق الباب المانع من دخول الحيوان الدار إلا بعد فتح الإنسان له ، وزوجية الأمّ قبل الدخول المانعة من زوجية بنتها إلا بعد ارتفاعها