القدرة في التكليف هو قبح تكليف العاجز ، حيث يكفي في رفع قبح التكليف بالطبيعة القدرة على فرد منها.
لكن التحقيق اقتضاء التكليف بنفسه القدرة على متعلقه ، لأن الغرض منه إحداث الداعي للمكلف لتحريك عضلاته نحو متعلقه باختياره ، وذلك يقتضي لزوم القدرة على المتعلق ، لامتناع جعل الداعي نحو الممتنع عقلا ـ لأمر تكويني ـ أو شرعا ـ بسبب المزاحمة لتكليف فعلي ، كما في المقام ـ ولازم ذلك تقييد الطبيعة المأمور بها بالقدرة ، وخروج غير المقدور عنها ، وهو الفرد المزاحم في المقام ، فلا يقع امتثالا ، لعدم انطباق الطبيعة المأمور بها عليه بعد فرض التقييد المذكور.
ويندفع : بأن ذلك ـ كقبح تكليف العاجز ـ إنما يقتضي اعتبار القدرة وصفا للماهية المكلف بها شرطا للتكليف ، لا قيدا للماهية المكلف بها ، بحيث يقتضي تحصيصها الى حصتين مقدورة وغير مقدورة ، ليختص التكليف بالاولى ويقصر عن الثانية ، كما هو الحال في سائر القيود المأخوذة في المادة ، وحينئذ حيث يكفي في القدرة على الطبيعة القدرة على بعض أفرادها كفى ذلك في التكليف بها من دون حاجة لتقييدها بالأفراد المقدورة ، فتنطبق على الفرد المزاحم قهرا أو يمكن قصد امتثال أمرها به بعد فرض فعليته.
نعم ، إنما يتم ذلك فيما اذا كان عدم التزاحم بين التكليفين مع تعدد أفراد الضد العرضية واختصاص المزاحمة ببعضها ، نظير ما تقدم في مثال الغسل وتطهير المسجد ، لفعلية القدرة على الطبيعة ، أما إذا انحصر منشؤه بوجود أفراد طولية ، لكون أمره موسعا ، نظير ما تقدم في مثال الصلاة والتطهير ، فهو يبتني على إمكان الواجب المعلق ، أما بناء على امتناعه فالمتعين سقوط التكليف بمزاحمة بعض الأفراد الطولية للضد المكلف به فعلا ، لعدم فعلية القدرة المصححة للتكليف بها ، لا بلحاظ الفرد المزاحم لتعذره شرعا ، ولا بلحاظ