إذا عرفت هذا ، فاعلم انه قد تقرر في محله أنه مع تزاحم التكليفين في مقام الامتثال فمع عدم المرجح لأحدهما يتخير في امتثال كل منهما ، ومع وجوده يتعين الراجح.
ومرجع ذلك الى تصرف صاحب التكليف وجاعله مع التفاته في تكليفه بنحو يقتضي ذلك. ويأتي الكلام في مرجع التخيير مع عدم المرجح.
وأما تعين الراجح مع وجوده فهو يبتني على بقاء الراجح على إطلاقه بنحو يقتضي صرف القدرة إلى امتثاله وإهمال المرجوح ، ولا إشكال معه في امتناع بقاء المرجوح على إطلاقه بنحو يقتضي صرف القدرة لامتثاله ولو مع إهمال الراجح ، لتنافي مقتضاهما بعد فرض التزاحم بينهما ، فيمتنع فعليتهما مع فرض قصور القدرة عن الجمع بينهما.
وإنما الكلام في إمكان فعلية المرجوح في الجملة في ظرف فعلية الراجح لكن بنحو لا يصلح لمزاحمته ، بل بنحو الترتب عليه ، كما قرّبه جماعة من الأعيان أولهم ـ في ما قيل ـ المحقق الثاني قدّس سرّه (١) ، ثم تبعه كاشف الغطاء ، وتلميذه التقي في حاشية المعالم ، وأخوه في فصوله وغيرهما ، وشيد ذلك السيد الشيرازي الكبير وأوضحه ، وتبعه جماعة من أعاظم المتأخرين عنه إلى عصرنا الحاضر ، وصرح بعضهم بامتناعه ، وأنه لا بد من سقوطه مطلقا بحيث لا يصير فعليا إلا بعد سقوط الراجح بالامتثال أو العصيان ، كما أصر عليه شيخنا الأعظم قدّس سرّه ـ على ما في التقريرات ـ وشدد النكير على القول بالترتب ، وتبعه
__________________
(١) نسب ذلك له بلحاظ ما ذكره في جامع المقاصد في رد حكم العلامة قدّس سرّه ببطلان الصلاة في أول الوقت من المدين المكلف بأداء دينه فورا. وكلامه على طوله غير ظاهر في الترتب بل على عدم التنافي بين الأمر الموسع بأحد الضدين والأمر المضيق بالآخر ، فلا يكون المضيق مستلزما لتقييد الموسع ، وهو ما تقدم الكلام فيه في الأمر السابق. نعم ذيل كلامه قد يناسب الترتب. فليلحظ.